حماس .. اين تقف اليوم؟!
وكالة كل العرب الاخبارية
سميح المعايطة
حين ظهرت حركة حماس في مرحلة الانتفاضة الاولى في عام ١٩٨٨ حملت اختلافا مهما عن فصائل منظمة التحرير بان كان جسمها الاساسي موجودا في الضفة وغزة وكانت قيادتها الاولى التي كانت من صفوف الاخوان المسلمين والمقيمة في الخارج جهازا داعما للحركة، وحتى رموز الحركة فقد كان معظمهم من غزة والضفة وارتبطت رمزيتهم بالانتفاضة والعمل العسكري في داخل فلسطين.
وكانت حماس انذاك تدرك ان احدى اهم اخطاء او مشكلات منظمة التحرير ان جسمها العسكري كان خارج فلسطين، وكان على المنظمة ان تؤمن لهم المأوى العسكري بل كانوا هدفا لاسرائيل في معسكراتهم وقواعدهم، اما الخطأ الاخر فهو ان المنظمة تحولت إلى جزء من مشكلات داخلية في دول عربية مثل الاردن ولبنان بل اصبحت عدوا لاطراف وتحولت بنادقها الى داخل هذه الدول.
ما سبق يعني ان انغماس المنظمة في الخارج ادخلها في تحالفات وصراعات بل حول بعض الفصائل الى ادوات لأنظمة عربية، واذكر مقولة لياسر عرفات في احد اجتماعات الفصائل عام ١٩٩٣ في تونس حين وصف الاجتماع بانه جامعة الدول العربية لان كل فصيل له دولة مرجعية.
حماس ادركت نظريا ثغرات تجربة المنظمة، وبقيت تحاول الاستفادة منها وان كانت قد خسرت مبكرا الساحة الاردنية لانها تمددت فيها تحت نشوة الحضور الاخواني والتأييد الشعبي للقضية الفلسطينية، وقادة الحركة يدركون اكثر من غيرهم تجربتهم في الاردن بغض النظر عما يقال في الاعلام.
اليوم تقف حماس في مربع سياسي ليس سهلا، والعديد من وسائل الإعلام توقفت طويلا عند زيارة خالد مشعل لبيروت مؤخرا والتي صاحبها ادارة ظهر من حزب الله الحليف المهم لهذه الزيارة، وهو موقف من الشخص وليس من الحركة لان اسماعيل هنية زار بيروت قبل شهور وكانت الامور مختلفة.
ومثلما كانت شهية الاخوان المسلمين مفتوحة جدا في فترة الربيع العربي وخاصة بعد فوزهم بالسلطة في مصر فان حماس في تلك الفترة ومن خلال قيادتها في الخارج كسرت قواعد التحالفات فقررت ان تراهن على محور وان تتعامل كجزء من الاخوان وليست كحركة مقاومة يهمها الحصول على تأييد الجميع للقضية الفلسطينية، وكانت اول واهم الخطوات الوقوف ضد الدولة السورية والانحياز الى المعسكر الذي يسعى لاسقاطها، وكانت تلك الخطوة تقوم على تقديرات بان بشار لن يبقى في الحكم، ودخلت حماس ضد سوريا ودعما لإخوان سوريا وضمن محور قطر وتركيا، رغم ان حماس عندما اتجهت لدمشق في بداية التسعينات وقفت ضد موقف الاخوان السوريين الذين كانوا ضد النظام لكنها اصبحت من اكثر المعجبين بالنظام السوري واخذت معها اخوان الاردن الذين كانوا ضد النظام السوري خلال ما سبق دخول حماس لدمشق.
قيادة حماس في الخارج قفزت من مركب دمشق بل وتتهمها سوريا بانها قاتلت ضدها وان مقاتلي حماس في سوريا دعموا تنظيمات معارضة بما في ذلك حفر انفاق في مناطق في دمشق.
لكن ايران التي ساندت النظام السوري مارست لعبتها بذكاء فحافظت على علاقة قوية مع حماس غزة والجناح العسكري، فايران لاتريد خسارة ورقة مهمة في فلسطين او ان تكسر احد اجنحة نفوذها الاقليمي، ولهذا نجد اليوم خطابا منحازا جدا لايران من قادة غزة وهو موقف مناقض للتيار الذي ترك دمشق وراهن على سقوط بشار الاسد .
حماس اليوم تحاول طرق ابواب دمشق لكن الذاكرة السياسية والامنية للدولة السورية تحمل تجربة مريرة مع حماس يصفها البعض بالغدر، وحماس اليوم تملك علاقة أمنية فقط مع مصر بحكم جوار غزة لمصر، لكن حماس لا تعمل في القاهرة وليس مسموحا لها بذلك، بل ان هناك تجربة في ذاكرة الدولة المصرية تتعلق بفترة ما بعد تنحي حسني مبارك وهناك قضايا في القضاء المصري ضد حماس، وكذلك الحال مع السعودية فالانحياز الكبير والمديح المتواصل لايران من بعض قادة حماس المؤثرين صنع مسافة اضافية بين حماس والسعودية.
هنالك علاقات يمكن لحماس الاستغناء عنها لكن بعض العلاقات وخاصة في الاقليم لايمكنها تجاوزها، ولهذا فان إدارتها لعلاقاتها مع سوريا من الأخطاء التاريخية التي لاتقل عن تأثير تجربة فصائل المنظمة في الاردن ولبنان، وحماس اليوم تفقد علاقات قوية في محيط الاراضي الفلسطينية في الاردن ومصر وجزء مهم من لبنان وايضا العراق ومعظم الخليج، باستثناء علاقات أمنية وتنسيق حول بعض الأمور.
المشكلة ليست في ان حماس تقيم علاقة مع ايران فحماس تقيم علاقة مع طهران منذ نشأتها، لكن حماس دخلت في معادلات داخلية لبعض الدول المهمة وآخرها سوريا ومصر، وفي ظل تصاعد الازمة لدول مهمة لحماس مع ايران لم تستطع ان تقف بعيدا لكنها وربما هذا ما ارادته ايران قدمت الكثير من الإشادة وخاصة في قضايا مثل قاسم سليماني وما يمثل في نهج ايران الاقليمي.
مكانة القضية الفلسطينية تجلب تعاطف الناس مع كل من يقف ضد الاحتلال، وحتى الدول فانها لاتملك الا ان تتعامل مع حماس لو كانت في ثقلها في الداخل، لكن مشكلة القوى الفلسطينية وآخرها حماس هي في حركتها في الخارج وادارتها لعلاقاتها مع الدول او استغلالها للساحات العربية التي تحصل فيها على حرية الحركة، فاي دولة تفصل بين موقفها من فلسطين وبين تحويل ارضها الى ساحة لنفوذ تنظيم، والأصعب هو القرار في لحظات عدم استقرار اي دولة مثلما كان في موقف حماس في مصر وسوريا في فترة الربيع العربي فمثلا تلك المواقف لها اثمان كبيرة تمتد عقودا طويلة وتغير من خارطة علاقات حماس، فحتى ايران لن تخدم حماس في اعادة علاقاتها مع دمشق مادامت تحفظ مصالحها مع الحركة بحكم ماتقدمه لها من دعم