وكالة كل العرب الاخبارية
د.ابراهيم البدور
بعد مرور 100 عام من عمر الدولة الأردنية، وبعد النجاحات التي حققها الأردن في تطوير منظومته الادارية، وبعد تصدير هذه الخبرات الى دول متعددة خلال جميع السنوات السابقة- إلاّ أن كل ذلك لم يشفع لنا – فلقد توقف مشوار التطوير، لا بل تراجع، وأصبحنا نستورد مدربين من الخارج يعلموننا علم الإدارة.
هذا التراجع أصبح السمه السائدة؛ فكل حكومة تأتي وتقدم تصورا عن تطوير الإدارة، وتضع خططا وتتعهد أمام مجلس النواب وأمام الشعب بأنها ستعمل وتعمل… ولكن في النهاية لا يحدث شي، فهذه الخطط تبقى حبيسة الأدراج والمكاتب ولا تظهر إلاّ إذا تحدث جلالة الملك عن ذلك ووجه الحكومة، عندها يتم تقديم البرامج والخطط ولكن للأسف بعد فترة تعود الى مكانها الذي تعودت ان تكون فيه داخل الادراج والمكاتب.
هذا شي أصبح معروفاً للجميع، لكن المشكلة تتجلى عندما يتبنى وزير أو مدير أو مسؤول قراراً معيناً ويدافع عنه – بالرغم من انه غير صحيح-، حيث يُسخّر جميع الموظفين والعاملين لديه لتطبيقه، ويقدمه كحل لمشكلة معينة ويقنع المسؤول الاعلى منه – ان كان جلالة الملك أو رئيس وزراء أو اقل من ذلك – بأنه سَيُحدِث ثورة من خلال هذه الخطة؛ لكن للأسف بعد تطبيقه تفشل الخطة ونرى نتائج غير محسوبة وندفع جهدا ومالا في سبيل نزوة وخطه غير مدروسة.
بعد ذلك يتم تعديل أو تغيير وزاري، أو يتم إنهاء خدمات المسؤول وكأن شيئا لم يكن، وهنا يبرز السؤال الذي يطرحه الأردنيون… من يدفع ثمن الخطأ الاداري الذي تم بموجبه هدر مال الأردنيين واستنزاف مواردهم مقابل “نزوة” من مسؤول أحَبّ ان يطبقها!.
المشكلة تتعمق عندما تكون “النزوة” تؤثر على مورد حيوي أو مخزون استراتيجي أو ثروة بشرية في الدولة مثل المياه أو الطاقة أو مخزون قمح أو حتى التعليم والصحة أو…الخ ، حيث تكون النتائج كارثية تودي بنا الى اتخاذ قرارات نُرغم عليها كشراء مياه من العدو الاسرائيلي أو طلب مساعدات من دول تكون مشروطة بقرارات سياسية أو إملاءات نحن في غنى عنها ولا نستطيع تطبيقها.
وهنا نعود للسؤال مرةً أخرى، لماذا لا يُحاسب من يأخذ هذه القرارات الكارثية؟ ولماذا لا يُحاسب لكي يكون عبرة للمسؤولين الذين على رأس عملهم؟
ولماذا لا يحاسب لكي لا يُؤخذ قرار لاحقًا دون دراسة ويكون فقط “نزوة” مسؤول؟!
هذه الاسئلة يجب أن تُطرح لها إجابات ويجب ان يؤخذ قرار على مستوى الدولة فحواه:
أن كل صاحب قرار يجب ان يتحمل مسؤولية قراراته إن كانت خاطئة وتؤثر على موارد البلد، وألا يتم الاكتفاء بإخراجه من منصبه وتحملة المسؤولية الادبية فقط.
وأرى ان مجلس النواب وهيئة مكافحة الفساد يجب ان تكون لهما كلمة في هذا الشأن، بحيث يبحثان عن الخلل ويشخصانه، وإذا ثبت ان هناك خطأ فيجب أن يحدد من المتسبب في هذا الخطأ.