المزيد
قراءة في كتاب " الليل يحل سريعاً"

التاريخ : 13-01-2013 |  الوقت : 12:54:12

يقع الكتاب على 432 صفحة يتحدث حول فهم الإنتحار للكاتبة كاي ريدفيلد جاميسون وهي من أشهر الباحثين النفسيين في مرض الكآبة واضطرابات السلوك.
ليس سهلاً قراءة كتاب حول الإنتحار، هذا العالم المظلم عميق المعاناة لمن ينتحر ولعائلته واصدقائه، ولكن ما دفعني لقراءة هذا الكتاب هو أن ظاهرة الإنتحار لم تعد تقتصر على العالم الغربي ولكنها امتدت أيضاً للعالم العربي وهو قد يحدث لأشخاص نعرفهم ونحبهم ونفتقد وجودهم وليس فقط للغرباء . ما يميز هذا الكتاب هو أن الكاتبة نفسها كانت تعاني من اضطرابات نفسية وحاولت الإنتحار لذا فهي تصف بدقة وبصورة علمية الحالة النفسية والعقلية لمن يريد الإنتحار. هذا المقال دعوة لفهم ما يمر به من يفكر بالإنتحار ودعوة لأن نكون أكثر تعاطفاً وقرباً واصغائاً للسمع لمن يعاني من حولنا ويقول صمته أكثر مما تقول كلماته.
تتحدث الكاتبة عن هذه الحالة من خلال الدخول لعقل المنتحر عبر قراءة الملاحظات والمذكرات التي دونها حول ذاته ، والتي يظهر من خلالها شعوره بالدونية واليأس ، الرغبة بالهروب وعدم القدرة على مواجهة الحياة أو الجنون . قد يكون الإنتحار بسبب اضطرابات سلوكية وعقلية ومن ضمنها الإدمان ، التوتر الشديد، اضطرابات الشخصية و الشيزوفرانيا، الأمراض المزمنة . في كل فصل من الكتاب يحتاج القاريء لفترة استراحه من شدة الألم الذي تتحدث عنه الكاتبة ويعاني منه المنتحر.
الليل الأسود:
تبدأ الكاتبة الكتاب وكأنها تريد كتابة رواية فتصف مقابلة لها مع صديق يعاني من الكآبة ويفكر بالإنتحار وتتفق معه على ألا ينتحرا وأن يتمسكا بالحياة ويعلما تماماً بأنهما يسخرا من نفسيهما. ولكن صديقها أنهى حياته وهي استطاعت المقاومة والإستمرار في الحياة . تقول الكاتبة إن الإنتحار ليس تصرف نقوم به في ليلة سوداء ولا قرار نتخذه في لحظة من الوضوح بل هو نتيجة ليأس لا يمكن تخيله .
لن أتغلب على هذا أبداً:
تعطي مثال على هذا اليأس بإنتحار الكاتبة فرجينيا وولف والتي كتبت لزوجها ما يلي: " أعرف بأنني لن أتغلب على هذا أبداً ، وأنا أضيع حياتك معي ...تستطيع أن تعمل وسوف تكون أفضل كثيراً بدوني".
ثم تتطرق إلى حالة بعض المرضى النفسيين الذين لا تتم معالجتهم بشكل جيد وتنتهي حياتهم بالإنتحار وهي بذلك تُلقي الضوء على ضرورة اهتمام المحيط الأسري بالحالة المرضية وتزويدها بالمعلومات اللازمة حول نتائج بعض الأمراض العقلية أو النفسية. 
"جين" الإنتحار "Gene":
لا يوجد اثبات أن الإنتحار قد يوجد في الجينات الوراثية ، ولكن ومن خلال الدراسات والأبحاث أتضح أن العائلات التي تتعرض للإنتحار أو التي تتأثر بسلوك عائلات أخرى قد تجد أن الإنتحار طريقة لحل المشاكل وقد يكون ذلك جينياً لأنه يترافق مع الإضطرابات السلوكية والأمراض النفسية .
تسجل الكاتبة ترافق الإنتحار مع الإندفاع والعدائية وارتفاع مستوى السوائل في الدماغ والأعصاب. وأن السلوك الإنتحاري قد يكون بسبب مرض عضوي أو حرمان من النوم أو تناول نوع من الأدوية أو ضغوط خارجية تقود للإنتحار. أو يتجه سلوك المنتحر للهدوء التام لإتخاذه قرار أخير بالموت.
ضد خيار الموت:
هل يمكن اعتبار الإنتحار (خيار حياة) مثل أن يقرر الإنسان الزواج أو الطلاق ؟ تُجيب الكاتبة وبموقف صلب أنه مسؤولية الأطباء والمعالجين النفسانيين أن يفعلوا كل ما بوسعهم لمنع المريض من اتخاذ مثل هذا الخيار.وتقول التالي:" نحن كمجتمع فشلنا في التعامل بطريقة متسامحة وعلمية مع امراض عقلية خطيرة مثل الإنتحار والإدمان" وأن أغلب المنتحرين قد قابلوا اطبائهم قبل فترة من اقدامهم على الإنتحار ، الإعلام والقانون كذلك مسؤولين بهذا الخصوص . بالنظر إلى اعداد المنتحرين والمعاناة المترافقة مع ذلك ، ورغم غزارة العلم ونجاح الحكومات ، إلا أنه هناك حقيقة فظيعة وهي حقيقة موت الشباب ، الموت العنيف والغير ضروري وهو الإنتحار".
تعتبر الكاتبة بأن الإنتحار وباء لا يتم الحديث عنه وذلك لإرتفاع عدد ضحاياه من سنة لأخرى وأرتفاع عدد من يحاولون الانتحار ويفشلون.
وفي مقال صادر عن HelpGuide.org بعنوان منع الانتحار تحدث المقال عما يلي :
منظمة الصحة العالمية تقدر أن حوالي مليون شخص يموتون منتحرين سنوياً. لابد من أخذ التهديد بالانتحار على محمل الجد كذلك النكات أو التلميحات حول ذلك ، الحديث مع من يُلمح لذلك أو يهدد به قد يكون مفيد جداً وقد يساعده على تجنب الانتحار.
علامات الرغبة بالانتحار:
- الكتابة عن الموت أو قتل النفس
- اليأس أحد العلامات الخطيرة 
- تغييرات جذرية في الشخصية والنشاطات
- اهمال المظهر الخارجي
- تغيرات في عادات الأكل والنوم
- الانسحاب من اجتماع الأهل والأصدقاء والعزلة
- الهدوء أو السعادة بعد كآبة حادة بسبب اتخاذ القرار بالانتحار
مهما كانت اسباب الانتحار يبقى الوازع الديني من أقوى اسباب البقاء في الحياة ، ولكن في ظل المتغيرات والضغوطات المعاصرة قد لا تكون المناعة الدينية متوفرة لدى كل الأشخاص لذا فمن واجب كل أسرة أن تُجنبَ ابناءها متابعة البرامج والمسلسلات التي تجد في الإنتحار وسيلة للهروب من مشكلة ما أو اعتباره ظاهرة رومانسية لأن الانتحار ظاهرة مُعدية . لابد من النظر للإنتحار ليس فقط من الزاوية الدينية التي يعرف الجميع فحواها بل يمكن أن يكون مرض عقلي أو نفسي لا يستطيع المريض نفسه أن يعبر عنه ولا يلاحظه من حوله ، وبغض النظر عن الرأي الديني والإجتماعي يبقى الإنتحار من أشد الحالات الإنسانية ألماً سواء للمنتحر أو لمن حوله. ولكن الإنتحار الذي يُثير الدهشة هو انتحار الأغنياء والمشاهير الذين تبدو حياتهم كأحلام محلقة في فضاء الفقير أو المحروم ، هذا النوع من الإنتحار يثبت بلا شك بأن الإيمان فقط هو ما يمنح الانسان الجذور والقمم السامقة لحب الحياة والتمسك بها .



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك