كثير من اللفاظ التي نتداولها في حديثنا اليوم تحمل في طياتها معاني ودلالات مختلفة ،وهى انعكاسات لمخزون ذهني ايدلوجي، وهى تدور في اغلبها بين ثنائيات تناقضية بأبعاد محددة بين انا والاخر ،تكون بين المناجاة والمناداة ،والتشكي والتأوه والتبرير، وبين الامل والحلم العالي او الطموح وبين الحاجة التي تكون في المرتبة الثانية بين الحلم والامل وبين القدرة التي تعني ما يمكن القيام به فعلا ان توفرت الارادة لتحويل القدرة للفرد الى اجراء عملي تنفيذي او قابل للتنفيذ ،وهو ما يسمي اجراء سلوكي ، وهذا الاجراء ايضا يصدم غالبا بتحديات كبيرة في الواقع ،ومحطات من التراجع والفشل بحكم تلك الارادة التى تمثل القوى الدافعة ،او ما يعرف بالدافع .
التعاطي مع تحقيق الانجاز لأهداف معينة او مرسومة سلفاً ،وعدم تحقيقها يخلق نوع من الشعور بالرضي ،،او عدم الشعور بالرضي عن الذات ،،،اما في حالة الانكسار في التنفيذ ،،والشعور بنوع من التراجع وعدم تقيم التراجع وتلافي الاسباب الحقيقية له ، واستبدال هذا بعملية التفاف حقيقية عن التقييم، بهدف انتاج شعور بالرضي للتخلص من عقدة الفشل بطريقة اخرى او تجنب آلم تأنيب المضير ،وهذه الطريقة هى احد اساليب خلق التبرير المخلص من الألم بإيجاد عدو يتجسد في اي شخص تلصق به تهم انه شرير متحور متلون متربص خبيث كل هذا لتجنب الصراع النفسي و آلم التأنيب للذات او الضمير ،انه وهم العدوي الأسطورية المتوارث الذى يحل بدلاً عن غائب معلوم في حل الإستشكال الداخلي في كثير من الاحيان، ،،وهو رأس الإستشكال غالبا ، في التوازن الداخلي عند الانسان وآلية ترتيب الصراع بين الرغبات -الغرائز - والمثل -والقيم العالي- والانا- والواقع المعاش الممكن او القابل للتنفيذ،،،انها تلك معضلة هذا الإستشكال الصراع .
ان العلاقة مع الاخر الداخلي والاخر خراج الذات ،،والرضي مع الذات وآلية التكيف مع المتغيرات التي تطرأ فجئة، آي التكيف مع الحركة الاهتزازية ،او غير المنتظمة ،او منهجية المشكلات ،وعلاجها ليست منتظمة او متساوية بين فرد واخر بل هى محور استشكال في ذاتها تجعل الفرد في حالة عدم استقرار ،فمنها يحبط الحافر ،او الدافع والعكس ايضا ،،،،
وهذا لا ينسجم تماما مع حالة التحفز الذاتي للفرد والجماعية ،او ما يتماها مع الخطر التحفيزي الذى تجعل منه بعض الجماعات محفز لا فرادها ،كي تتبدى قدرتهم الحقيقة في التعاطي مع الخطر المتوهم او القادم عليها كتهديد ليولد قيمة الحاجة ام الاختراع كقوة تحفير ،فيتحول الخطر الى حافز او دافع خلق او منتج للإرادة الصلبة عن الأفراد،،،، وهنا تتبدى قدرته الحقيقية للتعاطي مع الخطر القادم فتنتج حلولً احترازية او حلول نهائية للخطر او تطوير حلول كانت موجودة اصلاً ...
ان ما يمكن ان يُطلق الابداع كعملية ذهنية ، كي ترتقي بالفرد من مستوى القدرة الفعلية الحالية له،، الى مستوى الى الحاجة الملحة له ايضا،، وهي عملية انتقال في طريقة التفكير تلبية لدافع الحاجة هي نوعاً من التعليم الذاتي له بحيث يستطيع ان يجتاز مرحلة لمرحلة اعلى ،،،،وهذا الفرد هو القادر على التطور من الحاجة الملحة وتلبتها ليتمكن من تحقيق ما يراه حلم له ،،، لكن بقدر منتظم في الارتقاء وليس فجائي بل تراكمي تطويري ،يقتضي الصبر والاستراتيجية والمغامرة وهى عمليات تدرجية،،، تختلف مراحل اجتيازها الزمني بين فرد واخر،،، لاختلاف القدرات الفردية ،،،، استنادا الى ما تقدمه البيئة الحاضنة للفرد اولاً ، وطرق التدريب والتأهيل المتاحة له ، ومدى نضوج عمليات الفرز الثقافي مجتمعيا ثانيا ،كبيئة حاضنة .
ان فكر الشكوى والتظلم هي في ذاتها اطار ثقافي أيديولوجي بنيوي ، وليس وليد الفجائية لعملية انكسار واحد ة ، او هزيمة نفسية لمرة واحدة ،،، بل اطار تراكمي تأصل من مفهوم الثنائية بين الضحية والجلاد ، وثبات هذا الدور في الثنائية بين التناقضات،،،معزز بأيدولوجية القدر المكتوب او الاختبار للفرد الباحث عن الانكفاء على ذاته ، وهي ايديولوجية خنوع واستسلامي ايماني معيق ونوع من التعامي او التغاضي او بالأصح التهرب ،من المواجهة للتحدي وتُعد استجابة لعجز متأصل في بنية الهزيمة المؤقتة او شبة الدائمة، بدلاً عن الاغراق في نقل الصراع الى الداخل للفرد المؤلم جدا نفسيا ، اذا من المستحيل ان توجد هزيمة دائمة ، او نصر دائم على مستوى الافراد ، فهذا ليس منطقي اطلاقاً ، لكن الهزيمة والفشل لا يأتيان فجئة ، بل انهما تراكم لأخطاء يتم اهمالها ،، و بالتالي تتوالد هذه الاخطاء، الى أن تستطيع تعطيل نظام العمل الفردي عن تحقيق غاياته او أهدافة الاجرائية ، وكذلك النصر لا يأت فجئة ايضا ، فهو نوع من التراكم المنطقي ، لمقدمات منطقية سلمية ،تعالج اي تعثرات قد تطرا عليها .
كثير ما نسمع انواع من الشكاوى والبكائيات المستندة على المظلومية ،وهي نوع من الحوار مع عجز داخلي ، ناتج عن التخوف او التخوفات من الفشل ،،، في مجتمع يخاف الفشل اكثر من الفشل الفعلي يعتبر عيب كبير اجتماعياً وبالتالي يتعزز الفشل كسلوك،، من وهم خوف الفشل،، او البحث عن العمل النموذجي الكامل ،،،، فجميع الاشياء لا تخلق نموذجية مرة واحدة ،،،، بل تراكمية النشاءة توجد ثم تنمو ،،وتعمل على تدارك نواقصها واخطائها ،، وهى تبدا تصورات ومفاهيم ذهنية ، اشبه بما يمكن تعرفه على انه مخطط أولي يحتاج لاستكمال نضوجه ، تجريبه في الواقع ،لمعرفة مناطق ضعفة واختلالاته ،، ثم بعد ذلك ترفع اجراءات الامان فيه ، في مرحلة متقدمة تبدا اجراءات تطوير الفاعلية والكفاءة في اجزائه ، انه نظام كامل له اطار مرجعي ، اي فكرة يتم تحويلها الى اجراء وقد تتعدل الفكرة او تتطور ، وبالتالي تطوير هذا النظام بشكل دائم ، أن ما يمكن مقاربته مع كل هذا هو التنمية المستدامة ،اي المستمرة التي تقتضي علاج الاختلالات وبما يضمن التطوير التراكمي لها الاستدامة .
الاغراق في ثقافة التشكي ، او الشكوى ، يعني التحول الى نوع من الايديولوجية البكائية العدائية للأخر والاغراق فيها ، يتطور تراكمياً كي يتحول الى ما يمكن وصفه بمرض الفصام ، الذى من أعراضه فكرة ان الاخر مصدر كل الشر ، والذات او الأنا مصدر كل الخير، وهذا التطور اساس هذه العدائية ، التي تنطلق من هذا الوهم فتصل الى مرتبة الانتقامية المرعبة ، بالتالي تقود هذه العملية الى نوع من القدرة التدمرية المهولة حيث الشكوى والتشكي البكائي الهدف منه خلق قناعات ايمانية داخلية او ذهنية ، وهى لا تتوقف هنا سوى عند البعض اليسير من الناس ، اذا نجدها تتحول من اللغة البكائية لغة الشكوى البكائية الى منطق الدفاع عن الضحية ، من المتلقي السلبي كضحية الى حالة الهجوم على الاخر لغويا اولاً العدائية اللغوية، ما قبل تولد السلوك الانتقامي عمليا ،، وتأخذ مدى زمني ضامن بتحولها من ثقافة المحكي اللفظي للكراهية الى نوع من الاجراء السلوكي العدائي الانتقامي ، وهو تطور منطقي لدى الفرد العاقل ، من جانب او لا تتطوري لدى بعض الافراد الذى يغرقون في وهم الضحية الى درجة العاجز الٌمُفقد القدرة على الخلاص من وهم هذه الايدلوجية ،،،وهو ما يمكن وصفة بمشكل الانهزام او الهزيمة النفسية ، وهي خطير ايضا ،واكثر خطورة ان تحولت الهزيمة الى سلوك يصعب تجاوزها ، فهي اهم مرتكزات القابلية للاستبداد ، وارضية تقبله وتحويله الى واقع فعلى ،لا فكاك منه ،،،،،
المخيف اليوم ما يجرى التأصيل له من ثقافة البكائية المتعللة بالمظلومية ، التى ،تجند لها البعض من الكتاب وكأنهم مدافعين عن حق الاخر المسلوب ،،،سواء كان هولاء الكتاب من داخل الجماعة، او الفئة الاجتماعية او التيار الفكري ، او الحزب السياسي المبكي او من خارجه ،وأي كان هذا الظالم بالنسبة للمظلوم شريك ام خصم له ،فإن هذا الدفاع مرعب وخطير في عمقه الأيديولوجي البنيوي ، لأنه يأصل مفاهيم ذهنية لسيكولوجية القهر الحقوقي السياسي والاقتصادي الاجتماعي ، ويأصل بقوة لثقافة المظلومية البكائية ،التي لن تقف عند هذا الحد بل سوف تتطور الى قوة تعطيل لذات الفردية في جزء منها ،،،وفي الجزء الاخر سوف تتحول الى ثقافة كراهية عدائية ،، ولن تقف عند هذا الحد بل سوف تولد عنف مخيف انتقامي ترميمي لذات المظلومة المبكي عليها انتقال من حالة الضحية الى حالة المدافع البطل المؤمن بشرعية وعدالة انتقامه ،،،،،،،،،
ان ما اخاف منه ،هنا هو حالة البكاء التي يتذرع بها البعض على الحزب الاشتراكي اليمني وعلى شركاء التكتل السياسي للثوار في ما يعرف باللقاء المشترك وهو الاخطر الان اولا ثم الاكثر خطورة البكائية لمظلومية الجنوب جغرافيا ، وكذلك على تعز كجغرافيا،، او ما يسمي بمظلومية تعز ،علينا هنا اعادة قراءة هذه البكائيات للظلم او ما يستعاض عنه بمصطلحات الاقصاء والتهميش والمصادرة والاستحواذ......الى اخره من هذه الدلالات بأبعادها الايدولوجية ،،وما ترمي الى بلوغه من هذا البكاء المرعب والمحفز الا منطقي ولا عقلاني ،علينا قراءته بأبعاده البنيوية في الفكر والتفكيكية في الاهداف المرتجى او المبتغاة منه ؟؟؟؟ انه لسان الحال اليوم