المزيد
روان أبو أسد من فلسطين تكتب لـ كل العرب : هواجس غزية.. ما بين الصباح والمساء

التاريخ : 30-11-2012 |  الوقت : 09:59:41

هواجس غزية.. ما بين الصباح والمساء
ها أنا ذا أضع رأسي المثقل بما يحمله من أفكار و أحلام و وطن.. أجل وطن.. أحمل ذاك الوطن الصغير الذي يضيق بنا و يتسع لقن الدجاج وقفير النحل والسماء و تعشق هواءه رائحة الخبز.. أنا أحمل وطني كما يحمله غيري .. أقتني أحلامه وآماله و طموحاته ..أقتني تاريخ ماضيه حيث سطور صفحات ذلك الكتاب هم المناضلين والصالحين المرابطين وكل أولئك الذين يستحقون الحياة على هذه الأرض.. ومداد تلك الأسطر دماء الشهداء.. أقتني حاضر وطني الذي سيصبح ذات يوم ماضي .. وأرسم لوطني مستقبلا أخضر يانعا .. وهنا يبدأ شريط يومي بعرض نفسه شاهدا ودليلا على كل شيء مررت به وكل كلمة لفظتها أفواه ما حولي اليوم ..لتتجسد جميعها أمامي مرتبة نفسها لبدء العرض فإذا بي أستقل التاكسي بعد خروجي من بيتي فتقحتم أذناي تلك الأحاديث التي تدور حول مطالبة أبومازن الأمم المتحدة بالاعتراف بعضوية فلسطين في الجمعية العامة.. التجأت لصديقيَ البحر والسحاب لكي لا يجذب الحديث اهتمامي.. فأنا لا أحب لصباحي أن يكون سياسيا .. ولكن صديقاي خذلاني ولم يعيرانني أي انتباه فقد كان يسترقا السمع كلما قيلت كلمة تتعلق بذلك الأمر.. وعلى مضض استمعت لذلك الحديث الذي دار بين السائق و احد الركاب تعليقا على مذيع الراديو الذي كانت نبرة صوته تشير إلى أنه سعيد جدا بهذه الخطوة .. ثم على الفور يتقدم ذلك التجمع الحاشد بعرض نفسه وإدخالي في جوفه ..كان كالدوامة تغرقني أعلامها الصفراء والحمراء .. وعلم أصفر معلق على أحد أعمدة اللافتات، كلما مرت عربة أو حافلة تراه يصاب بالدوران والغثيان جراء التفاف الناس حوله ودوران ظله على عجلات السيارات المارة .. كان الجميع يهتف والأعلام ترفرف وكاميرات الصحفيين تلتقط تفاصيل ذاك الخبر لنقله إلى ما بعد حدود غزة وإلى تلك الأرض التي تنام بها شمس غزة بعد المغيب .. وتمر عربة تحمل أعمدة بناء يجرها حصان مصاب في ساقه.. فيطلب السائق من صاحب الحصان أن يخفف عن ذلك المسكين أعباء الحمل و ينقلها بواسطة سيارة نقل البضائع.. فيجيب ذاك السيد القاسي بسخرية بأن حصانه مجنون و أنه سوف يقوم بوضع قبة حديدية له لمنعه من إطلاق أي صاروخ غضب . وأسأل نفسي لم لم يبدو على صاحب الحصان اهتماما بما يدور بغزة الآن ؟ رغم أن ذلك التجمع الحاشد ذو الأعلام لا يبعد مسافة الخمسين مترا ؟ لما لم يسأل أو ينبس ببنت شفة حول ذلك الأمر ؟ وأصل بذلك الشريط الذي لا يريد أن ينتهي إلى حوار أحد الأساتذة معنا فأبدى سروره ورضاه عن تلك الخطوة وأن لها أبعاد إيجابية وكأنه يقول أول الغيث قطرة و لربما مستقبلا ستكون فلسطين عضوا في مجلس الأمن ..والذي يتفاءل بالخير يجده .. أما إحدى صديقاتي أبدت استيائها من إقدام أبو مازن على القيام بذلك لأن من وجهة نظرها أننا قد وافقنا على حل الدولتين وأننا وقعنا رسميا على عقد التنازل عن حق العودة وأن فلسطين الآن هي فقط غزة والضفة الغربية ..قالت : أشعر بالخذلان ..لقد خذلت يا روان .. قال جبران خليل جبران لا تحلم نصف حلم ولا تعش نصف حياة ... أصمت و أقول لعله خير لا ندري ما يخبئه لنا الله و أسال نفسي أحقاً السيد الرئيس يستجدي نصف الحياة و نصف الحلم لنا ؟ لكنني لا أستطيع أن أقسم حلمي لأنصاف .. أحب أحلامي باكتمالها كالبدر ليلة التمام لكي أحققها لمنتهاها و لا أقف في نصف الطريق تائهة حائرة لا تعرف طريق العودة أو المشي قدما .. وبعد ذلك كله أنفجر بالكتابة لعلي أرتاح من حالة الحزن الممتزج بالفرح غير المكتمل لعلي أعيد ترتيب مسائي بما يليق بخيبتي و غيابها .. وأتنفس الصعداء .. وأرى الشريط يعيد نفسه سريعا فلا أجد تصنيفا لنفسي من بين أولئك الأشخاص الذين مروا به . لا اعرف إذا كنت حزينة أم سعيدة وأختم بــ لعله خير .

بقلم: روان عوني أبو أسد 
غزة- فلسطين



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك