المزيد
الإنسانية عندما تشوهها تصرفاتنا

التاريخ : 11-07-2016 |  الوقت : 01:23:22

القسوة والكراهية والأنانية وعدم الإحساس بوجع الآخر، باتت هي اليوم المشاعر الحاضرة وبقوة بين الناس، والمسيطرة أيضاً على الأجواء العامة وعلى الشكل الداخلي لعلاقاتنا التي أصبحت تفتقد ربما للإنسانية والصدق، ولأشياء أخرى اخترنا أن نتخلى عنها من أجل أن نرضي غرورنا، ونصل إلى مطامع شخصية تؤثر في الدرجة الأولى على من حولنا كوننا تجاهلنا تماما مصلحتهم.
وأعطينا لأنفسنا الحق بأن نستثني من حولنا للأبد من حسابات تقتصر فقط على الأرقام بدون أدنى اهتمام بالمشاعر، تلك التي تستطيع حقيقةً إذابة كل الجليد المتراكم داخل أرواحنا، واستبداله بحب خالص قادر على نشر الدفء في قلوب قد تكون على الأغلب جرداء مقفرة بحاجة ماسة إلى من ينقذها من ذلك التأرجح غير المفهوم بين العتمة والنور. 
والتعلق في الفراغ المقلق الذي ينسيها حتما أن عليها أن تستعيد بعضا من إنسانيتها لتتمكن من السير في الاتجاه المناسب لتلك الحياة الجديدة التي تطالبنا بأن نكون حقيقيين نمتلك حسا عاليا بالمسؤولية والعمل جديا من أجل تعويض التقصير الحاصل ربما بسبب أنانيتنا وقدرتنا على إلغاء الآخر بكل بساطة بدون أن نشعر حتى بالذنب.
لذا نحن بحاجة إلى أن نغير من أنفسنا ونتحرر من كل التصرفات المنفرة التي لازمتنا طويلا، وحرمتنا من أن نمارس إنسانيتنا بعيدا عن أي مغريات من شأنها أن تضعفنا، وترغمنا على الخضوع لها ليتسنى لنا على الأقل إبراز تلك الجوانب الأخرى من شخصيتنا والتي تستحق أن تكتشف، وأن تكون هي الحاضرة دائما في كل المواقف التي توضح غالبا طريقتنا في معالجة الأمور، وإضفاء الطابع الإنساني على تلك الحلول التي نستحدثها ونحاول من خلالها الابتعاد قدر الإمكان عن رغبتنا بالتفرد بكل شيء، ذلك التفرد الذي يشوهنا حتما من الداخل. ويتعمد في كثير من الأحيان إقناعنا بضرورة استخدام الأساليب الملتوية غير الإنسانية كونها القادرة من وجهة نظرهم على تقويتنا وإمدادنا بالخبرة اللازمة لمواجهة شتى فنون المؤامرة حتى وإن كان ذلك مجرد توقعات فقط.
وقوفنا للحظات أمام واقع يزخر بالجرائم والقصص المؤلمة التي لم تعد مستهجنة بالنسبة لكثيرين تحجرت مشاعرهم، وأصبحت لا تكترث بأوجاع الآخرين وأحزانهم يجعلنا نعيد النظر في كيفية تعاطينا مع بعضنا، والتأكد من حقيقة اندفاعنا للشر المطلق الذي يفرض علينا أن نتعامل بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة، وأخذ المصلحة الشخصية ذريعة تحمينا من المحاسبة. ومن تلك الانتقادات الجارحة التي قد تكون سببا في تعقيد المشكلة، إلا أن هناك من يراها منصفة موضوعية تعيد إليهم جزءاً بسيطاً من حقهم الذي انتهك من قبل أشخاص ضلوا الطريق، ولم يعد أمامهم سوى أن يستسلموا لتلك القوانين البعيدة كل البعد عن لغة المشاعر الراقية، والمحتفظة على الأقل بذلك الدفء الحقيقي القادر فعليا على تبديد القسوة التي لطالما أبعدتنا عمن نحبهم ونحترمهم ونعتبرهم جزءا مهما من حياتنا.
تشويهنا المستمر والمتعمد لإنسانيتنا من خلال إنكارنا لحقوق الآخر، وعدم تقبلنا للتنوع والتعدد والاختلاف يضعنا حتما في مأزق من شأنه أن يلغي كل أشكال الانفتاح وتقييد حرية الفكر التي يعتبرها البعض السبب الأبرز في حدوث كل التغيرات المؤدية في الغالب إلى ترسيخ العنف. والتعصب للآراء الشخصية البعيدة ربما عن الواقع أو على الأقل تنقصها تلك الرؤية العميقة التي تسعى جاهدة إلى طرح جميع الحيثيات على طاولة الحوار، ومناقشتها بإنسانية تمكننا حتما من تضميد بعض الجراح المتأججة المفتوحة التي أحدثتها أياد كارهة حاقدة تستمتع بوجع من حولها، لا تكترث أبدا بضرورة أن يشعر الآخر بقيمته وبالاحتياج إليه. هي تريد فقط أن يبقى الخلاف قائما حتى وإن لم يكن هناك ما يبرره لتستطيع في المقابل زعزعة تلك الأرواح المحبة المتسامحة التي لا تؤمن سوى بالإنسانية كسلاح قادر على تخليصها من رغبتها في التعدي على حق الآخر ومصادرة حرياته.

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك