المزيد
الشخصية الصارمة.. تحظى بالإعجاب أحيانا وتزعج المقربين

التاريخ : 19-03-2016 |  الوقت : 01:07:06

“ملتزمة.. منضبطة.. تضع نظاما في البيت لا يمكن الحياد عنه، تحسب الزمن بالثانية، واعية لكل حرف تنطقه وليس كل كلمة”.. بهذه الكلمات لخصت الطالبة الجامعية سوسن الحلبي شخصية والدتها التي عملت لسنوات طويلة مديرة لإحدى المدارس الحكومية.
تقول سوسن، “والدتي شخصية مثالية جدا، لكنها صارمة.. لدرجة أنها حادة التصرفات في أمور عدة، فمنذ الطفولة فرضت علينا نظاما خاصا سواء في الطعام، النوم، أوقات الترفيه، كما أنها تحاسب على كل كبيرة وصغيرة، لا تتنازل عن طلبها، ولا تنسى إن أخطأنا في حقها، حتى اسلوب حياتنا في البيت روتيني قاتل”.
تضيف سوسن، “عندما تأتي إحدى صديقاتي لزيارتنا، طبعا بعد الحصول على الموافقة المشروطة من والدتي.. أرى نظرات التعجب في عينيها، بل وتظهر علامات الإرتباك وعدم الشعور بالراحة كما اعتدنا أثناء لقاءاتنا بالجامعة”.
تتنوع الشخصيات في المجتمع منها الإيجابية والسلبية، ونواجه في حياتنا شخصا يمكن وصفه بـ “الصارم” وقد يكون أقرب الناس إلينا، أو رئيسنا في العمل، أو زميلا لنا، وهنا تكمن المشكلة في اسلوب التعامل معه وتقبله، بينما من يرى هذه الشخصية من بعيد تلفت انتباهه وقد تحظى بالإعجاب لحزمها وتنظيمها. 
ويصف الموظف علاء جوهر مديره في العمل بأنه من الشخصيات الصارمة، فهو مشدود دائما، شحيح البسمة، حازم وقاطع، مباشر وواضح في كل ما يقوم ويفعل، تنعدم لديه المرونة”.
يقول جوهر، “بصراحة أنا معجب بشخصيته جدا، وأحيانا أتمنى أن أصبح مثله، وكذلك رأي بعض الزملاء، لكننا نتساءل هل هذا الشخص يتعامل بذات الإسلوب في بيته؟؟ أعتقد انه ناجح في تربية أبنائه إن اتبع ذات الاسلوب”.
يبين الاختصاصي النفسي د. محمد الحباشنة أن الشخصية الصارمة تحمل صفات الشخصية السلطوية التي تظهر للعامة بأنها صارمة، تأخذ بالقواعد ولا تأخذ بالعواطف، وطبعا هناك حسنات وسيئات لهذه الشخصية، خصوصا إذا استمرت هذه السلطوية التي تربك وتؤثر على العلاقات الأسرية والإجتماعية.
يؤكد الحباشنة ضرورة التوازن بين القواعد والعاطفة في التعامل، ويوضح أن وجود السلطوية يقمع السلوك الخاطئ ويتمرد عليه لفترة، وينظر له كمنوذج طيب، فهو يؤثر في النمذجة على الأبناء، فينتقل بين الأجيال.
الشخص السوي الذي يوازن بين القواعد والعواطف، وهناك من تطغى العاطفة لديه على القواعد ويسمى (الشخصية الهلامية).
يقول الحباشنة، “نحن بحاجة كثيرا للمرونة في العمل، فالموظف يحتاج أن يستشعر بأنه إنسان، فلا بد أن توضع القواعد مع هامش إنساني حتى لا يشعر أنه آلة”.
وهناك سمات مختلفة للشخصية السلطوية وفق الحباشنة، أما أن تكون نرجسية، مضادة للمجتمع، شكاكة، أو سواسة.. وهؤلاء تسود عليهم صفة الصرامة، وإذا تفاقمت السلطوية تصل لحالة الإضطراب، ومن جانب آخر هناك أشخاص لديهم صفة السيطرة، لا يحتملون الشر وأي حياد عن النظام يستثيرهم ويغضبهم، لكنهم بواقع الأمر أشخاص طيبون.
ويعترف الخمسيني أبو فارس بانه من الشخصيات الصارمة، ويقول، “تربيت في بيت منظم، وعملت أن يكون بيتي كذلك، فأنا أحب أن يكون الناس والأشياء من حولي منظمين.. مرتبين.. أحب الاستقرار في الحياة، وكذلك التخطيط للمستقبل، واتباع تلك الخطط بحذافيرها، أحب الدقة في المواعيد، ولا أحب إبقاء أعمال معلقة”.
يضيف، “اختلف في كثير من الأحيان مع أصدقائي.. جيراني.. أبنائي.. زوجتي جراء اتخاذي قرارات حاسمة، أو سرعة أدائي لمهام تم التخطيط لها، مثلا.. حدث خلاف بيني وجيراني بسبب اتفاقنا على تحسين بعض الأعمال الإنشائية في العمارة، فلم يكن مني سوى المبادرة بتنفيذ ذلك من خلال تحديد الأعمال.. جمع المال لإنجازها.. الإتفاق مع العاملين للبدء بالعمل.. ومن ثم المباشرة في التنفيذ.. وللأسف هذا الأمر لم يرق لهم لسرعة إنجازه”.
يوضح أبو فارس، “استطاعت زوجتي تفهم شخصيتي بعد سنوات عدة من زواجنا.. وانعكس الأمر على الأبناء كذلك، فهم لا يخالفون التعليمات والقوانين في المنزل، لكنني على دراية بأن شخصية زوجتي مرنة وتتساهل معهم في العديد من الأمور”.
الاستشاري الأسري والتربوي د. أحمد سريوي يقول، “الحزم شيء جيد ومحمود، ولكن ما لا يمكن تحمله هو الفظاظة في التعامل سواء أكان من طرف الأب أو الأم أن يكون صارما، لا يتساوى ذلك والحزم في التعامل، ويذكر بقوله تعالى، “ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك”.
يؤكد سريوي على أنه باللين والحب والرحمة والتسامح نمتلك قلوب الأبناء والمحيطين ونحتويهم، وللتعامل مع هذه الشخصيات (الشخصية الصارمة) يجب علينا استخدام اسلوب نعم، ولكن محاولة امتصاص غضبهم قدر الإمكان.
الاختصاصي الإجتماعي د. حسين الخزاعي يقول، إن الشخصية الصارمة هي الشخصية المنظمة والمرتبة، والتي تعمل بموجب خطط وجداول للوقت والإنجاز والعمل، ولا تضيع دقيقة من عملها، وتطبق الخطط والبرامج ولا تنسى أو تتضارب في الأعمال والمهمات.
ويضيف، الشخصية المرنة لا تقبل النقد أو الإنهزام لأنها حريصة على الإنجاز والعمل المرتب المنظم، وهي شخصية يمكن الاعتماد عليها في أداء المهمات، وهي تتمتع بالاستقرار والهدوء.
يبين الخزاعي أن هذه الشخصية لا تلقى قبولا من قبل الإدارات المترهلة كونها تحارب الفوضى وعدم التنظيم، وهذه الشخصية صارمة في اتخاذ العقوبات والإجراءات التأديبية ولا تتراجع أو تتردد في المواقف وتنبذ الواسطة والمحسوبية والشللية في العمل.
والشخصية الصارمة حسب الخزاعي تمارس شدتها وصرامتها حتى مستوى الأسرة ومعاملة الأبناء، وهي حاسمة وغير مترددة في اتخاذ القرارات لذا نرى المحيطين بها ينزعجون من تلك المعاملة.

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك