المزيد
التحديّ القادم أمام الفريق الاقتصاديّ

التاريخ : 14-05-2019 |  الوقت : 01:07:18

وكالة كل العرب الاخبارية

قد يعتقد البعض أن التعديل الوزاريّ الأخير أعطى شكلاً جديداً للفريق الاقتصاديّ الحكوميّ، وجرى فعليّاً إعادة هيكلة له خاصة بدخول الوزير الجديد الدكتور محمد العسعس للحكومة واستلامه وزارة التخطيط والشؤون الاقتصاديّة.

العسعس ليس غريباً عن المشهد الاقتصاديّ، فعمله في الديوان الملكيّ تحت مسميات مختلفة مكّنته من الاطلاع والمشاركة في إدارة الملف الاقتصاديّ خلال المرحلة الراهنة، ولعب دوراً مُهما بحكم موقعه السابق في الديوان للتدخل في إدارة عددٍ من الملفات الاقتصاديّة لعل ابرزها علاقة الأردن مع صندوق النقد الدوليّ وقانون الضريبة الأخير.

دخول الدكتور العسعس الآن في الحكومة ضمن الفريق الاقتصاديّ سيجعله يطّلع عن قرب على تفاصيل أكثر حول كيفيّة سير العمليّة الاقتصاديّة في جهاز الدولة العام والبيروقراطيّة الرسميّة التي تعترض الكثير من الإجراءات والسياسات الاقتصاديّة.

وزارة التخطيط والتعاون الدوليّ هي المكان المُفضل لِكُلّ مسؤولي الديوان الذين انتقلوا منهم إلى الحُكومة، والسبب في ذلك الكم الكبير من المُبادرات التنمويّة التي تشرف عليها، علما أن كثير منها مُتشابك مع مبادرات مماثلة في الديوان الملكيّ، الأمر الذي سيجعل الوزير العسعس يتابع هذه المبادرات والملفات التي كان يُديرها في الديوان إلى موقعه الجديد في الحكومة لحين الانتهاء منها، وهكذا جرت العادة مع الوزراء السابقون، الدين دخلوا الحُكومة من الديوان، لِيجدوا أنفسهم متقوقعون في هيكل العمل الحكوميّ وأطر العمل الرسميّ البيروقراطيّ الذين كانوا لا يعرفونه في أثناء عملهم في الديوان الملكيّ، وهذه سُنّة العمل العام في الأردن والتنقل بين المناصب.

شخصياً لا اعتقد أن هُناك جديداً طرأ على الفريق الاقتصاديّ أو حتى أضيفت له مُلفات عمل جديدة، الآلية الراهنة تُركّز على حل المشاكل والاختلالات لِكُل قطاع على حده بنفس الوتيرة وبحث كيفيّة تحفيز الاقتصاد وتحقيق اِختراق اقتصاديّ في علاقات الأردن الخارجيّة، من خلال إعادة النشر والمراجعة الدوريّة في منظومة الاتفاقيات الاقتصاديّة الدوليّة، خاصة مع أوروبا والعراق وبعض الدول العربيّة الأخرى، لكن واضح أن هذه المسألة ليست بالأمر السهل على الاطلاع ويحتاج إلى متابعات رسميّة استثنائيّة بالتعاون مع القطاع الخاص مِثلما هو الحال في الشأن العراقيّ.

التحديّ المُقبل أمام الفريق الاقتصاديّ في وزارة الرزاز في خلال المرحلة المقبلة هو مستقبل علاقة الأردن بِصندوق النقد الدوليّ، فالبرنامج الحالي سينتهي العمل به نهاية هذا العام بعد تمديد جزئي له، وستكون المراجعة الأخيرة له في الربع الأول من العام المُقبل، وحينها سيكون الأردن قد تخرج من هذا البرنامج غير الشعبيّ الذي أثار جدلا واسعا في المجتمع من خلال حزمة الإجراءات التي تضمنها البرنامج والتي كان لها تداعيات كبيرة في الشّارع مثلما حدث في قانون الضريبة الذي أثار جدلا كبيراً في المجتمع.

العلاقة المُقبلة مع صندوق النقد الدوليّ هي أكبر تحدي أمام الفريق الاقتصاديّ الحكوميّ، والسبب في ذلك يعود إلى الفريق التفاوضيّ مع الصندوق في حال رغبة الأردن بتجديد العمل بالبرنامج وهو الخيار الأكثر ترجيحا في المرحلة المقبلة نظرا للحاجة الاقتصاديّة المُلحة من قبل المملكة في إعادة هيكلة مديونيته مع كبّار المانحين والمؤسسات الدوليّة.

الاتفاقان الأخيران لصندوق النقد الدوليّ مع الأردن بعد عام ٢٠١٢ كانا برامج ماليّة بحتة بعيدة كُلّ البُعدّ عن أيّة مفاهيم أو أسس تنمويّة، فالحاجة كانت مُلحة لضبط سريع للماليّة من خلال توفير إيرادات سريعة للخزينة التي تعاني من عجز ماليّ مزمن فاقم من أزمة عدم الاستقرار الماليّ للدولة، وهنا كانت تدخلات للصندوق من خلال البرامج الأخيرة التي ركزت على إلغاء كافة أشكال الدعم سواء للخبز أو للمحروقات، إضافة إلى سلسلة كبيرة من القرارات المُتعلقة بزيادة الضرائب والرسوم على عدد كبير من السلع والخدمات، وهو ما وفرّ للحكومة بعض الإيرادات السريعة  مكّنت المملكة من إعادة تعاملها مع المانحين الذين أصروا بأشكال مختلفة على أن يكون الأردن له برنامج مع الصندوق حتى يضمنوا أن مساعداتهم وقروضهم ستعود عليهم دون أيّة مشاكل ماليّة مستقبليّة.

لكن المُحصلة من تلك البرامج مع الصندوق أنها كما قُلنا سابقا كانت غائبة عن البُعدّ التنمويّ، والنتيجة هي انه لم ترتفع مُعدّلات النُمُوّ الاقتصاديّ بأكثر من ٢ بالمئة في أفضل الظروف، وبقي الاقتصاد أسيراً للمتغيرات الداخليّة والخارجيّة معاً، ولم يتمكّن من النهوض والتحفيز لقطاعاته، وظلت حالة عدم اليقين تُسيطر على المشهد العام.

المرحلة المُقبلة تتطلب إعداد فريق تفاوضيّ جديد مع صندوق النقد الدوليّ يكون مؤمن بفكر واحد وهو كيفيّة إعداد برنامج الصندوق يُحفز الاقتصاد وينهض بالنُمُوّ الاقتصاديّ ويعيد عجلة الإنتاج من جديد للدوران، ويكون هذا الفريق قادراً على تغيير شروط  الصندوق في برامجه التي تُطبق على الجميع والتي لا تأخذ خصوصية ما تعيشه المجتمعات من تحدّيات خارجيّة وداخليّة، هذا هو التحديّ الأكبر أمام الفريق الاقتصاديّ لهذه الحكومة أو حتى لِما سيأتي بعدها أن رحلت.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك