المزيد
مدن ملائمة للحياة والمعنى

التاريخ : 19-11-2015 |  الوقت : 02:12:07

"وأذكر ما بمدينة القاهرة من الخطط والأصقاع.. فتتهذب بتدبر ذلك نفس القارئ وترتاض أخلاقه، فيحب الخير ويفعله، ويكره الشر ويتجنبه" (المقريزي).
كيف نجعل مدننا منسجمة مع ما نرى أنفسنا وما نحب أن تكون عليه؟ كلما سرت في شوارع عمان، أجد الأرصفة مسدودة بالسيارات والأشجار. الأرصفة امتداد للبيوت؛ تزرع فيها الأشجار، أو تسدّ بالسيارات على النحو الذي يمنع أحدا من المسير عليها. يسدها أصحاب البيوت أحيانا بالسلاسل والبراميل، لمنع المشاة من المرور. ويقف أصحاب بيوت على الأبواب ينظرون شزرا إلى المشاة والعابرين كأنهم متطفلون. في عمان، تسير مسرعا خائفا من أصحاب البيوت؛ أن تدهسك السيارات النزقة؛ تتقافز بين الأشجار والسيارات مثل "كنغارو"!
كيف تعيش في مدينة لا تستطيع أن تمشي فيها؟ كيف تشعر تجاه الناس والمكان؟
على مدى السنين، وبرغم الإقامة الطويلة الممتدة، لم يكن لك جار تعرفه أو تتشارك وإياه هموم المدينة والحياة المشتركة! المدرسة، المركز الصحي، النادي، مركز الرعاية الاجتماعية، المكتبة، الحديقة، ملاعب الأطفال وشؤونهم، المقهى، الجمعيات المنظمة لشؤون الناس في المدينة، الاستهلاك، تعاونية الحي.. كيف سيكون لك جيران تلتقيهم ولا يوجد من ذلك شيء؟
تقفز من بيتك إلى سيارتك، أو تنتظر التاكسي أو الباص مثل عابر سبيل. وتعود إلى بيتك تنكفئ على نفسك وأسرتك، أو تلتقي أصدقاء لا علاقة لهم بالحي أو المدينة؛ تلتقون في مقهى أو بيت أحدكم.. تقضون الوقت في التسلية والنقاش والجدل في مسائل لا علاقة لها بالمدينة، ولا مصالحكم ولا حياتكم وشؤونكم.
ربما لا تكون عمان وإربد والزرقاء والكرك وعجلون والرمثا ومادبا والطفيلة والعقبة وكفرنجة وجرش ومعان والمفرق والسلط والموقر والأزرق والجفر والقطرانة والجيزة وكفر أسد وصخرة وعبين وبيت يافا وبيت ايدس وكفر الماء ومؤتة والشفا ورحاب وبلعما وساكب وسوف وعيرا ويرقا وناعور وبيت راس وأم الجمال وأم قيس وطبقة فحل والمشارع وكريمة ودير علا والشونة الشمالية والشونة الجنوبية وفينان وسويمة وخلدا وصويلح والجبيهة وأبو نصير والصويفية وأم أذينة وذيبان وحسبان والوالة وأم الرصاص ومكاور.. مدنا عشوائية بالمعنى القانوني، لكنها لا تكاد تختلف عن العشوائيات. تظل عشوائيات (أنيقة ربما) أيضا، تلك المدن والبلدات والأحياء التي لا يتشكل ساكنوها حول أولوياتهم وتطلعاتهم، ولا يملكون الولاية عليها وعلى مؤسساتها ومواردها.
متوالية العشوائيات لم تقف عند الفقر والفجوة المتسعة بين الفقراء والأغنياء وغياب الأمان المعيشي والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي لنسبة كبيرة من الناس؛ بل إن هذا التهميش أنشأ متوالية أخرى من الإرهاب والتطرف وتجارة المخدرات والاتجار بالبشر.. ويمكن أن يضاف إلى ذلك فقدان العلاقة بالمكان وغياب الانتماء والمشاركة!

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك