المزيد
على من يطلق الرصاص

التاريخ : 16-08-2015 |  الوقت : 05:34:36

الرصاص معدن ثقيل وقاتل....له خاصية ملوثة وسامة ..نحاول ان نخفف من وجوده في الكثير من المواد التي نستهلكها لكي لا يتسلل الى هوائنا ومائنا ودمائنا وأجسادنا ويحد من قدرة أعضائنا على أداء وظائفها.
 يصنع الرصاص على هيئة مقذوفات للبنادق والمسدسات والأسلحة الفردية والرشاشات ومعظم أدوات  صناعة الموت. للرصاصة القدرة على اختراق الجلد وتفجير الاعضاء وتدميرها بسرعة تفوق كل الوسائل التي عرفها الانسان قبل تصنيع المقذوفات النارية.
اليوم ينتشر الرصاص في كل مكان وأدوات إطلاقه في أيدي الصغار والكبار واحتمالية اختراقه للاقفاص الصدرية والجماجم اكثر من اي وقت مضى. الحياة في خطر واحتمالية الاعتداء عليها قصدا او بدون قصد واردة ولا حلول للحد من المخاطر بدون تقليص انتشار وسائل الموت.
التشريعات التي تعالج هذا الموضوع ليست أولوية على اجندة مجالس التشريع ولا الحكومة.
 منذ أيام  شاهدت موكبا من مواكب الافراح متوقفا امام صالة على طريق الجامعة الاردنية. في المشهد بنادق اوتوماتيكية واكثر من عشرة مسدسات على خاصرة اشخاص غير مخولين بحملها. فماذا لو انفجرت مشاجرة بين اي من هؤلاء وغيرهم أو بين فريقين من حاملي المسدسات.
المشهد يذكرني بأفلام الغرب الأميركي وجون وين وكلينت ايستوود وكيني روجرز. الشيء الوحيد الغائب عن المشهد هي الخيول والقبعات ولفائف السيجار الذي يدخنه ابطال افلام الكاوبوي الاميركي.
في كل عرس من الاعراس التي تقام في المنطقة التي نسكنها نلزم بيوتنا ونتجنب مغادرتها لكي لا نكون في مرمى النيران الصديقة ونتحدث على استحياء مع غرف عمليات الشرطة لكي نزعج جيراننا  في محاولة يائسة لدرء خطر الرصاص الطائش وارهاب اطلاق النار الذي لا يتوقف حتى ساعات الصباح.
في كل مرة ينجح فيها ابن لجيراننا في الثانوية العامة او يتخرج آخر من الحقوق اويعين احدهم في وظيفة عن طريق او غير طريق ديوان الخدمة تشتعل السماء، وفي كل مرة يسجل فيها فريق برشلونة هدفا في شباك نادٍ آخر يسبح الرصاص في سماء حينا ونضع ايدينا على قلوبنا ان لا يهبط الطائش منه أو المرتد على رؤوس المارة والعابرين، وندعو الله ان يتوقف ازيز الرصاص ودخان بنادق الجيران قبل أن تتحول افراحهم  الى مصائب لغيرهم أو شر لنا.
اعداؤنا ليسوا في العمارة المجاورة ولا في الشارع الموازي ومن غير المفهوم كيف نشعل الفضاء بالرصاص الخارق والحارق ظنا منا أننا نصنع الفرح في الوقت الذي نشيع فيه الرعب في نفوس الاطفال والنساء ونقلق راحة المرضى ونخيف كل من حولنا. 
العمل على إخلاء بيوتنا وخزائننا وأدراجنا وجيوب سيارتنا من الأسلحة النارية أولوية أمنية تتقدم على كل الاولويات التي أشغلت نوابنا وحكوماتنا عبر السنوات والعقود. وجود السلاح في ايدينا بهذا العدد وهذه الكثافة ارهاب يمارس علينا في البيوت والاحياء وفي الشارع.
استمرار تمتع البعض بحق حمل واقتناء السلاح كان مبررا قبل ان تبسط الدولة نفوذها على كل ارجاء البلاد وقبل انتشار التكنولوجيا والاتصال. استمرار العمل بقوانين الاسلحة النارية والذخائر التي صيغت قبل عشرات السنين استجابة لطبيعة الحياة وتطور المجتمع خلق مبررا لدى البعض في اقتناء وحمل  السلاح تحت مبررات لم تعد قائمة. 
حمل واستعمال السلاح كان مبررا للأشخاص الذين يعيشون في مناطق بعيدة عن مراكز الامن والمناطق المأهولة لكي يحموا انفسهم وممتلكاتهم وأعراضهم.
اليوم تحول حمل السلاح الى سلوك استعراضي  في المدن والبلدات وعلى الطرق وفي المواكب والأعراس وأضحى خطرا قائما وسلوكا يهدد الأمن والسلامة العامة. الدولة وحدها صاحبة الحق في الحماية واستخدام السلاح بموجب القانون، وحمل السلاح واقتناؤه من قبل الأفراد والجماعات شكل من اشكال التعدي على وظائف الدولة وسيادتها.
بالرغم من وجود مئات الشواهد على خطورة السلاح الذي تسلل إلى بيوتنا ومكاتبنا وحتى قبة البرلمان حيث ينبغي ان يكون الحوار وسماع الرأي والرأي الآخر، إلا أن الموضوع ما يزال صرخة في وادٍ لا صدى لها. نتمنى أن يقفز أمن المواطن إلى صدر قائمة أولويات التشريع والتنفيذ والقضاء، لنصل إلى مجتمع خال من الرصاص. الغد  

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك