المزيد
المنطقة العازلة في جنوب سوريا.. منطقة الخطر في الأردن

التاريخ : 26-07-2015 |  الوقت : 01:21:06

فورين أفيرز – التقرير

حتى الآن، تجلس الأردن على هامش الأزمة السورية، تعاني من صراع مئات الآلاف من اللاجئين الذين تدفقوا عبر حدودها الشمالية. لكن هذا قد يتغيّر قريبًا. في الشهر الماضي، مع تحرك تنظيم الدولة الإسلامية بشكل خطير على مقربة من حدودها، أشارت الأردن إلى استعدادها للعب دور إقليمي أكثر نشاطًا، وبناء منطقة تدريب عسكرية وإنسانية في جنوب سوريا؛ حيث ستقدم المساعدة للمتمردين السوريين إلى جانب تفريغ السكّان اللاجئين.

هذه الخطة يمكن أن تؤدي إلى كارثة. إنشاء منطقة آمنة في سوريا، والذي سيكون بمثابة تعدٍ غير مرحب به على ممتلكات الأراضي السورية، قد يحرض نظام الأسد للرد على الأردن. كما يمكنه فتح الطريق للجماعات المتطرفة للوصول إلى المملكة.

احتفالات 10 يونيو هذا العام بمناسبة يوم الجيش في الأردن، الذي يخلد ذكرى الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، كانت رمزية للغاية وألمحت إلى الخطة الجديدة للمملكة. أثناء الاحتفالات، قدّم الملك عبد الله للجيش العربي، وهو الاسم الذي يُطلق على القوات المسلحة الأردنية، العلم الأردني الجديد الذي حُمل أثناء الثورة من قِبل أفراد من إحدى العشائر الهاشمية، وهم أحفاد النبي محمد. الكلام المنقوش على العلم، والذي يتضمن الشهادتين والبسملة كذلك، يؤكد الدور التاريخي الرئيس للهاشميين في خدمة القضايا القومية العربية والإسلامية.

قد يبدو هذا غير ضار إلى حد ما، ولكن بعد فترة وجيزة من مراسم يوم الجيش، كتب ماهر أبو طير، وهو صحفي أردني بارز، مقالًا في إحدى الصحف المملوكة للحكومة تحت عنوان “مملكة عربية جديدة عاصمتها عمان“. وقال إنّ على الأردن توسيع مملكتها إلى المناطق السُنية في غرب العراق وجنوب سوريا وكذلك في الضفة الغربية. وادّعى أبو طير أن الحدود الإقليمية تتغيّر بشكل جذري، وللتعامل مع هذا الواقع الجديد، فإنّ الأردن بحاجة إلى تحديد حدودها لضمان بقائها. وفي الوقت نفسه، يقول إنّ السكان السُنة في البلدان المجاورة سيرحبون بالحكم الهاشمي، وخاصة بعد أن عاشوا في ظل الحكم الاستبدادي من الأنظمة الطائفية.

من غير المحتمل، بطبيعة الحال، أن توسّع الأردن حدودها، ولكن سياستها الخارجية تطورت بالتأكيد وباتت أكثر جرأة؛ بداية من تدريب المتمردين السوريين وانتهاءً بالمنطقة الإنسانية. تركز الأردن على هذه المنطقة، والتي ستشمل محافظات درعا والسويداء، لمساعدة الثوار السوريين شنّ هجمات ضد نظام الأسد في أجزاء أخرى من البلاد، وكذلك لحماية الحدود السورية-الأردنية ضد المتطرفين. الجبهة الجنوبية، وهو تحالف من المتمردين السوريين الذين لا ينتمون إلى الجماعات الأكثر راديكالية (مثل الدولة الإسلامية، وجبهة النصرة، وأحرار الشام)، ستزود المنطقة بالمقاتلين بدعم من المملكة. وفي الشهر الماضي، أطلقت الجبهة الجنوبية عملية يطلق عليها اسم عاصفة الجنوب لاحتلال مدينة درعا. وفي حين توقفت العملية منذ ذلك الحين، لكنها لا تزال على جدول أعمال الجبهة الجنوبية.

قد تبدو المنطقة العازلة وكأنها وسيلة ذكية لبناء شبكة آمنة وتفريغ الآلاف من اللاجئين، ولكنها في الواقع ستقوّض أمن المملكة؛ أولًا، سوف تثير المنطقة غضب نظام الأسد، بدرجة كافية لشنّ هجوم ضد الأردن. في الآونة الأخيرة، كثّف النظام السوري عمليات القصف ضد الجماعات المتمردة في درعا ويرى أن السيطرة على المدينة هي أمر حاسم لبقائه. وفي حال اشتباك الأردن هناك، في ظل دعمها للجماعات التي تقاتل في درعا (وربما حتى إرسال الأردنيين هناك)، فإنّ النظام السوري قد يقرر الهجوم. وبالرغم من أن بشار الأسد ربما لا يرغب في إضافة المزيد من الأعداء لقائمته؛ إلّا أنّه من المستحيل أن يتجاهل إنشاء منطقة آمنة بالقرب من دمشق.

ثانيًا، جماعات المعارضة المسلحة قوية للغاية في جنوب سوريا، والأردن يمكنها أن تزج بنفسها عن غير قصد في سياساتهم المعقدة. واحدة من الجماعات الثورية الرئيسة العاملة في محافظة درعا: “جيش الفتح”، وهو منظمة جهادية شاملة تضم جماعات متشددة مثل جبهة النصرة، وهي فرع من تنظيم القاعدة، وأحرار الشام، وهي الجماعة المحافظة. ولكن في الجنوب، الجماعات المتطرفة ليست قوية كما هو الحال في أماكن أخرى في سوريا. كما أنّ هناك غرفة عمليات في عمان، معروفة باسم قيادة العمليات العسكرية، التي تنقل الأسلحة والأموال إلى الجبهة الجنوبية من عمان، وقد حاولت تلك القيادة وقف الجبهة الجنوبية من التعاون مع جيش الفتح والجماعات المسلحة الأخرى.

ولكن كمجموعة شاملة، تعاني الجبهة الجنوبية من انقسامات داخلية قد تدفع بعض فصائلها بالدخول في شراكة مع جيش الفتح. إذا استولت الجبهة الجنوبية في نهاية المطاف على مدينة درعا، فإنّ جيش الفتح قد ينشئ معسكرًا في المنطقة الآمنة؛ لذلك فإنّ وجود جيش الفتح في درعا سيثير غضب سوريا التي تتهم الأردن بدعم الجماعات الإرهابية. والأهم من ذلك، أن الأردن تتعرض لضغوط من الولايات المتحدة لمنع المتطرفين من العمل في المنطقة. ومع ذلك، إذا حاولت الأردن منع هذه المجموعات من استخدام منطقة التدريب في الأردن كنقطة انطلاق، سواء من خلال الهجوم بشكل مباشر أو غير ذلك، فإن تلك الجماعات ربما تقرر الانتقام من المملكة.

في النهاية، يمكن للمنطقة الآمنة المخاطرة بإقحام الأردن في الصراع السوري. لقد أدى القصف المتقطّع عبر الحدود إلى سقوط ضحايا من المدنيين، ولكن ظلت الحدود الأردنية آمنة نسبيًا خلال الحرب الأهلية. ومع ذلك، قد تكون المنطقة الآمنة هدفًا جذابًا للغاية للجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية وجيش الفتح، مما يجبر الأردن على إرسال قوات برية خاصة في جنوب سوريا. وإذا كان الأمر كذلك؛ فإنّ مشاركة الأردن في الحرب الأهلية قد تقوّض بشدة استقرار المملكة.

حتى الآن، حافظت القيادة الأردنية على أمن واستقرار البلاد بالرغم من الأوضاع الأمنية المتردية في العراق وسوريا. ولكن مع الهجوم المستمر في درعا، ستواجه الأردن مخاطر متزايدة، وهذا هو السبب في أنه لا ينبغي أن تخاطر بسياستها. هناك طريقتان يمكن أن تساعد الولايات المتحدة من خلالهما الأردن لتجنب التورط في سوريا. ويمكن أن تعمل مع روسيا وإيران لإجبار الأسد على الموافقة على وقف إطلاق النار في الجنوب، وهذا من شأنه أن يقلل من حدة الصراع بالقرب من الحدود الأردنية وسيقلل حاجة المملكة للمشاركة في هذه الأزمة. وتستطيع واشنطن أيضًا دعم الأردن من خلال المساهمة بالمزيد من الأموال لمساعدة اللاجئين السوريين، وتشجيع المجتمع الدولي على أن يحذو حذوها، وهذا من شأنه أن يقلل من الضغط على الأردن للبحث عن بدائل لاستيعاب اللاجئين. يسمح هذان الخياران للأردن بتأمين حدودها دون الحاجة إلى إقامة منطقة آمنة على حدودها، والذي من شأنه أن يوفر سلامة صورية فقط.

المصدر

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك