المزيد
التفجيرات الـ21 في غزة

التاريخ : 21-07-2015 |  الوقت : 03:19:00

يبدو صعباً ومستغرباً، رؤية تفجيرات قطاع غزة يوم الأحد الماضي، بمعزل عن تفجيرات القطاع في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي؛ إذ وقع في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي نحو 15 انفجاراً استهدفت بيوت ومركبات عناصر قيادية في حركة "فتح" بغزة، وتقع الآن ستة انفجارات تستهدف عناصر قيادية في حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، شبيهة بتلك من حيث نوع الأهداف (تخرب لا تقتل)، ومن حيث تزامن وقوعها في وقت واحد.  
يقتضي الأمر اختراقاً أمنياً كبيراً للمجتمع الغزي والفصائل، وسرية هائلة وقدرات استخباراتية عالية، حتى تكون هناك جهة ما قادرة على تنفيذ هذه الشبكات من التفجيرات وأن تمضي من دون كشفها. 
إذا افترضنا أن لا علاقة بين شبكتي التفجيرات، فمعنى هذا أنّ قطاع غزة مليء بالمجموعات المعقدة، ذات القدرات العالية في التخطيط والاتصال والتنفيذ، وأنّ أجهزة حركة "حماس" الأمنية، والشبكات التنظيمية والاجتماعية للفصائل، غير قادرة على اكتشاف من يقف وراء هذه العمليات التي تحتاج لأشخاص عديدين يشكلون شبكات معقدة، يصعب تخيل أن يحافظوا على سريتهم. أي بكلمات أخرى، إذا استبعدنا وجود جهة واحدة محكمة العمل، يصبح الحديث عن أشباح تتحرك في غزة، وجماعات تستعد لحرب أهلية معقدة. 
في الحالتين، يبدو للوهلة الأولى أنّ هناك هدفا سياسيا معينا (توصيل رسالة ما، أو خلط أوراق وتسبيب الارتباك). وهذا يتضح من التفجيرات التي تؤدي لأثر نفسي وأمني من دون قتل (حتى الآن على الأقل، ولحسن الحظ). مثل هذه الملاحظة تعزز الاعتقاد بأنّ الأمر يقع في إطار الخلافات الداخلية، في القطاع، أو في إطار من يريد إثارة ارتباك وحسب. 
وفي الحالتين، لا يبدو حتى الآن أنّ هناك رسالة سياسية محددة، لأن الرسالة السياسية تفترض أن تعلن جهة مسؤوليتها ومطالبها، كما أنّ التفجيرات لم توفر أحداً من الفصائل الأبرز والأهم.  
خارجيا، وخصوصاً على مستوى الإعلام، هناك ميل لرؤية تنظيمات مثل "داعش" و"القاعدة" (السلفيات الجهادية)، متهماً أول، وأنّ الهجوم هو ضد "حماس"، وذلك في سياق حالة القلق والتحسب، وربما حالة الانشغال الذي لا يخلو من "التهييج" لربط كل شيء بتنظيم "داعش". 
وتميل "حماس" بحسب الأنباء والتقارير الأولية إلى اتهام السلطة الفلسطينية وحركة "فتح"، بأنّهما خلف ما حصل. وقد سبق وكشفت عناصر قالت إنهم من "فتح" موجهون لعمل "كركعة" (فوضى) في غزة. وتميل "حماس" كذلك إلى التقليل من فرضية "السلفية الجهادية" رغم التوتر مؤخرا مع مجموعات تنتمي لهذا التيار، تماماً كما مالت "حماس" العام الماضي إلى تحميل خلافات داخلية في "فتح" مسؤولية التفجيرات، حتى وإن تزامنت مع تحرك شبه علني لعناصر في "حماس" ضد إحياء ذكرى رحيل ياسر عرفات، ومن دون أن تكشف من كان حينها وراء ما حدث.  
لا يمكن تخيل أن يكون ضعف "حماس" الاستخباراتي والأمني إلى هذا الحد، وهي التي أثبتت أثناء الحرب العام الماضي، ومناسبات أخرى، قدرات استخباراتية عالية، بحيث تمضي الأشهر من دون اكتشاف مثبت بالتفاصيل والوقائع لتفجيرات العام الماضي وغيرها من التفجيرات. وعدم كشف ما حصل الآن، مبرِرٌ للخشية والتحسب من أنّ معالجة "حماس" بصفتها سلطة الأمر الواقع في القطاع، تخلط التوظيف والحسابات السياسية لمعالجة التفجيرات معالجة الأمنية. 
يقتضي المنطق أنّ نفوذ "حماس" الشعبي، والتنظيمي، والأمني، والعسكري، يؤهلها لمعرفة وكشف ما حصل ويحصل. ويقتضي المنطق ذاته أنّ "فتح" ذات الامتداد التنظيمي والخبرات الأمنية والعسكرية، في موقع يؤهلها أيضاً لكشف ما حصل، حتى لو لم تكن صاحبة سلطة فعلية على الأرض.  
تتولى "حماس" و"فتح" دائماً مسؤولية تبادل الاتهامات، من دون تقديم أدلة قاطعة، وتبقى "إسرائيل" لأسباب مبررة متهماً أزلياً في أي شيء يحصل. والآن، تبرز مجموعات السلفية الجهادية التي تجاهد لتثبت وجوداً لها في قطاع غزة، والتي تتحرك في واقع الأمر على خلفية تطورات داخلية في القطاع وفي سيناء، أكثر منها كجزء من منظومة "داعش" الدولية.
ما حدث العام الماضي وهذا العام يستهدف "فتح" و"حماس" و"الجهاد"، وعدم كشف هذه الجهات لما حدث يعني إما أن لديها حسابات سياسية تختلط فيما حدث، أو أنها أضعف مما نتخيل.وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك