المزيد
وزارة التخطيط والمنح

التاريخ : 17-12-2014 |  الوقت : 08:14:58

تظهر صورة وزير التخطيط دائماً بشكل متكرر وهو يوقع اتفاقية منحة مقدمة للأردن، من مندوبي الدول الغنية المانحة، ويتم تبادل الوثائق الموقعة من الطرفين أمام عدسات التصوير، ولا يخص هذا المشهد وزير التخطيط الحالي، بل يكاد يكون مشهداً متكرراً لكل وزراء التخطيط السابقين خاصة أولئك الذين مكثوا فترة طويلة في هذا الموقع، وكانوا عابرين للحكومات المتعاقبة.
هناك انطباع راسخ وعميق في أذهان الأردنيين يخص مهمة وزارة التخطيط الجوهرية، أنها تتعلق بالقدرة على استجلاب المنح، ومما يعزّز هذه الصورة الانطباعية لدى عامة الناس هو الاحتفاء الواضح بحفل التوقيع الذي يبرز الابتسامات العريضة وعلامات الرضى والامتنان لهذا الإنجاز، الذي يهدف إلى بعث خيط من الثقة في نفوس الجماهير القلقة والمحبطة على الوضع الاقتصادي العام الذي يعاني من الأزمات المستفحلة.
لم تستطع الوزارة أن تقنع المواطن الأردني بأن مهمتها الرئيسة تتمثل بالتخطيط الفعلي للدولة الأردنية ومستقبلها، وفيما يخص الجانب الاقتصادي على وجه التحديد، ويتبين ذلك من خلال المتابعة  والاستقراء  لدورها الفعلي وأثرها الحقيقي في تصحيح الخلل، وتجاوز الأزمة، حيث يظهر ذلك جليّاً في حجم المديونية المتسارع، الذي وصل إلى الحد المذهل والمرعب، كما يظهر في القدرة على امكانية  تقليص العجز في الموازنة، وهو آخذ في الزيادة والاتساع عاماً بعد عام.
 عامة المواطنين بحاجة أن يروا بوضوح وشفافية خطة مكتوبة تخبرهم بالأرقام كيفية التخلص من الدين خلال سنوات محددة، وكيفية تقليص العجز، ولو خلال مدة طويلة تصل إلى خمس سنوات أو ستة أو عشرة، وينبغي أن يكون الأمر البديهي بالتخطيط للاستغناء عن المنح، والتخطيط للوصول إلى تلك المرحلة التي تشعر بنفي الحاجة إلى التسول ومد اليد، لأننا نلمس ونحس ونشاهد ونرى أن الاعتماد على المنح أصبح باباً من أبواب الموازنة الثابتة، وأصبح يشكل معلماً تاريخياً للاقتصاد الأردني منذ القدم، وما نلمسه ونراه أن حجم المنح يزداد عاماً بعد عام، ولا يتناقص، فهل التخطيط كان وما زال لزيادة المنح، وفي البحث عن مانحين جدد، وفي امتلاك القدرة على استجلاب المنح واقناع الأثرياء بالصدقة علينا.
يقول بعض العارفين أن الحكومة أصبحت تضع مبالغ المنح في خانة الإيرادات في الموازنة، وهذا يحمل قدراً كبيراً من المغالطة، لأن المنح ليست إيراداً في الحقيقة، والإيراد الحقيقي ينبغي أن يأتي من القدرة على الانتاج الذاتي للدولة، كما ينبغي أن يكون الاعتماد عليها بشكل مؤقت لتمكين المجتمع من بناء قدراته الانتاجية بطريقة علمية وعملية سليمة.
الجهد المقدر لأصحاب المسؤولية يجب أن يكون في تمكين المجتمع الأردني اقتصادياً، وفي تمكين الإنسان الأردني من القدرة على الاستثمار في مقدرات البلد بطريقة صحيحة، وينبغي أن يكون في حماية هذه المقدرات وصيانتها وتنميتها بما يوازي ارتفاع نسبة التعليم، وزيادة أعداد الخريجين وأصحاب الكفاءات والشهادات العلمية، وفي استصلاح البيئة التنموية السليمة، وفي القدرة على إزالة العوائق أمام انطلاق الشباب المبدع الطامح لبناء ذاته وخدمة وطنه.
نشكر وزارة التخطيط والوزير على هذا الجهد، ولكن شكرنا الأكبر للوزير عندما يخبرنا بخطته للاستغناء عن المنح الخارجية، ووعن الموعد الزمني في جعل الأردن دولة مكتفية مستغنية عن مد اليد، وأن ننظر إلى مستقبل تحترم فيه كرامة الأردني ومروءته، ونشكره بعمق أشد عندما يكون قادراً على إزالة الانطباع البائس عن وزارة التخطيط وأدوارها ومهماتها الحقيقية.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك