المزيد
ما لا يفهمه المسؤولون!

التاريخ : 18-11-2014 |  الوقت : 07:25:28

لن تجد جواباً محدّداً مقنعاً لدى المسؤولين الأردنيين بشأن السؤال عن سرّ تراجع الدعم الخليجي الكبير خلال الأعوام الأخيرة؛ إذ لم يدخل الخزينة العامة أي دعم مباشر في العام الماضي!
البديل الخليجي تمثّل في تقديم منحة غير مباشرة لتمويل مشروعات تنموية وخدماتية. إلاّ أنّ هذه "المنحة"، على أهميّتها وضرورتها، لا تساعد على حل عجز الموازنة، وتحديداً ذاك المتعلق بالتعامل مع عبء الطاقة الكبير؛ هذا من ناحية. كما أنّ عملية تنفيذ المشروعات، من ناحية أخرى، تواجه صعوبات بيروقراطية معقّدة، وتأخذ إجراءات طويلة المدى مرهقة للجانب الأردني.
المفارقة التي لا يستطيع المسؤولون الأردنيون إيجاد تفسير مقنع لها، هي أنّ الأشقاء الخليجيين قدّموا دعماً مباشراً كبيراً لدولٍ أخرى. إذ دفعوا مليارات الدولارات للنظام المصري؛ وأخيراً دعمت السعودية الجيش اللبناني بـ3 مليارات دولار قيمة شراء الأسلحة؛ وقبل ذلك دُفعت أموال طائلة لليمن.
ما يزيد استغراب المسؤولين والمراقبين أنّ الأردن ليس فقط حليفاً أو صديقاً لهذه الدول، بل أصبح شريكاً استراتيجياً مع كل من السعودية والإمارات في ترسيم الأجندة الإقليمية المشتركة في مواجهة الأحلاف الإقليمية الأخرى، سواء الحلف الإيراني أو المحور التركي-القطري. وفوق هذا وذاك، يقع الأردن على مساحة مهمة وحيوية للأمن الإقليمي الخليجي، ومصالح هذه الدول التي ستصبح مهدّدة فيما لو تأثّر الأردن بالعواصف الإقليمية المحيطة.
تاريخياً وتقليدياً، كانت السعودية داعماً وسنداً مهماً للمملكة، وساعدت في أوقات عصيبة في حماية الاقتصاد الوطني من الانتكاسات والانهيارات، عبر تدخّل مباشر. لكن اليوم الوضع مختلف؛ إذ إنّ التحولات الإقليمية أصبحت أكثر تسارعاً ومؤثرة بقوة، بينما الأزمة الاقتصادية أشدّ ضغطاً وصعوبة. ولم يعد بإمكان الدولة أن تتكئ على مبدأ "الصدقة" أو الشعور بـ"الشفقة"، والانتظار حتى تصبح الأمور على حافّة الهاوية؛ فهذا رهان خطر وغير مضمون ومقلق للمسؤولين، ولا يساعد على الشعور بالاستقرار ولا بجدوى وأهمية التحالف والشراكة الراهنة مع الأشقاء، من دون التفاهم والتوافق على أسسها ومقوّماتها ومنافعها المتبادلة الواقعية والصريحة.
حاول مسؤولون أردنيون، في مراحل متباينة، وفي أكثر من مرّة، التلميح أو الإشارة إلى أنّ الأردن بحاجة إلى تطوير صيغة هذه العلاقة لتصبح أكثر وضوحاً، وذلك عندما لوّحوا بأهمية الاستقرار الأردني والدور الأردني في الاستقرار الإقليمي، وبأنّ المملكة تمثّل اليوم "البوابة المغلقة" والمُحكمة التي تحمي دول الخليج من ولوج "شياطين" الفوضى وعدم الاستقرار إليها، وأنّها تؤدي دوراً مهماً في حماية الجبهات الشمالية للخليج العربي؛ لكن من دون أن تلقى هذه التصريحات آذاناً صاغية!
ليس ذلك فقط، فمن المعروف أنّ الأردن، وعلى مرّ العقود السابقة، وحتى في الأعوام الأخيرة، ساعد بعض هذه الدول على حماية أمنها واستقرارها السياسي، عندما تعرّضت لتحديات داخلية من مجموعات تسعى إلى التغيير أو الثورة، وهو ما لم يتذكّره أحد في نهاية اليوم!
إلى الآن، يتحدث المسؤولون الأردنيون مع الأشقاء في الخليج بخجل واستحياء، ويصرّون على عدم البوح بالمرارة الأردنية من الشعور بعدم الاكتراث تجاه الأزمة الداخلية القاسية. فيما ما يزال هنالك موقف خليجي يسعى إلى عدم منح الأردن "اعترافاً" بأهميته الإقليمية لأمن هذه الدول، وهو التوجه الذي عرقل سابقاً مشروع السعودية بضمّ الأردن إلى مجلس التعاون الخليجي!
ليس معروفاً إلى متى ستبقى صيغة هذه العلاقة على النحو الحالي، من دون التوصّل إلى رؤية توافقية واقعية واضحة، أو ما إذا كان "مطبخ القرار"، في عمان، يفكر فعلاً بالانتقال الأردني نحو سياسة "تنويع الخيارات الدبلوماسية" وإعادة تقييم المقاربات الراهنة، والتفكير في بدائل وموازنة الخيارات المطروحة؛ بما يستبطن إدراكاً استباقياً للمتغيرات المحيطة والحلول غير التقليدية في التعامل معها!

الغد



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك