المزيد
هل نحن في "حالة حرب"؟

التاريخ : 24-09-2014 |  الوقت : 09:02:16

التصريح الأردني الرسمي بالمشاركة في الهجوم الجوي (الذي نُفّذ فجر أمس) ضد أهداف تابعة لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) تزامن مع إعلان الولايات المتحدة مشاركة خمس دول عربية فيه؛ والهدف من ذلك الإعلان، سياسيا ورمزيا وإعلاميا، مرتبط بحرص الإدارة الأميركية على إرسال رسالة للسُنّة في العالم العربي، وتحديداً في العراق وسورية، بأنّ هذه الضربات ليست موجّهة إليهم، ولا انتصاراً للخصم السياسي المتمثّل في إيران والحكومة العراقية ونظام بشار الأسد.
قبل ذلك، عملت مؤسسات الدولة، هنا، على تحضير الرأي العام لهذه المشاركة، عبر الإعلان عن استهداف القوات المسلحة لسيارة مسلحة حاولت اختراق الحدود مع العراق، وعبر اعتقال عشرات المؤيدين لهذا التيار في الأردن، وتوجيه اتهامات لهم بدعمه والترويج له عبر شبكة الإنترنت، مع تصريحات لوزراء ومسؤولين تؤكّد خطورة "داعش" على الأمن الوطني الأردني، وعلى أهمية مشاركة الأردن في احتواء هذا التنظيم.
لا أظنّ أنّ الدور الأردني المعلن سيتجاوز نسبيّاً ما تم الإفصاح عنه بالمشاركة في الهجوم الجوي السابق، ولا أعتقد أنّ هناك أي نيّة أو استعداد لدى الأردن لإرسال قوات بريّة إلى العراق أو إلى مكانٍ آخر لقتال "داعش"، وسيتمحور هذا الدور، كالمعتاد، في الدعم اللوجستي، والمجهود الأمني الاستخباري، وتأمين المناطق المحاذية للأردن عبر علاقات عميقة مع شيوخ العشائر السُنيّة في الأنبار والجيش الحرّ في منطقة حوران جنوب سورية. فيما تشير بعض المعلومات الأولية إلى تفكير الأردن في عقد مؤتمر ثانٍ للمعارضة العراقية، لكن هذه المرّة بالتنسيق مع الحكومة العراقية الجديدة، للمساهمة في فك الارتباط ما بين "داعش" والحاضنة السُنّية.
ربما القضية الأخيرة تقودنا إلى جوهر النقاش حول جدوى الحرب المقبلة ضد "داعش". فبالرغم من أنّ إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أقرّت بأنّ صعود "داعش" لم يأتِ من فراغ، بل تأسس على تربة خصبة من "الأزمة السُنّية" وشعور السُنّة بالتهديد الهويّاتي الوجودي؛ وبالرغم -أيضاً- من عدم إشراك نظامي طهران والأسد في هذه الحملة؛ إلاّ أنّ هناك قلقا وتخوفاً سُنيّاً عريضاً من أن تؤدي هذه الضربات على المدى القصير إلى إضعاف السُنّة، من دون اجتراح "أفق سياسي" مقنع للأزمات السورية والعراقية، ومعها لبنانية اليوم. وما يزيد من تعقيد هذا الموقف اليوم ما يحدث في اليمن من انتصار عسكري ساحق للحوثيّين، وإرهاصات الاقتتال الطائفي هناك.
ليس من المتوقع أن نجد ولو نسبة محدودة من الرأي العام الأردني، متعاطفة مع تنظيم "داعش". وليس ثمّة شك لدى الأغلبية الساحقة من المواطنين في أنّ هذا التنظيم يمثّل تهديداً للأمن الوطني الأردني. لكن الخشية، كل الخشية، أن تأتي النتائج عكسية تماماً في حال تمّ التركيز على الجانب العسكري من الحرب الأميركية على التنظيم، بينما الوضع السياسي متذبذب متوعّك!
لا يساورني قلقٌ كبير من احتمال قيام "داعش" بردود فعل سلبية تجاه الأردن، مثل تلك التي حدثت في تفجيرات عمان العام 2005، ردّاً على مشاركة الأردن في هذه الحرب، بمستويات مختلفة. ولا أعتقد أنّنا على أولويات هذا التنظيم. لكن ما يقلقني فعلاً هو أن إدارة أوباما متخبطة ومتناقضة، واستراتيجيتها في مواجهة "داعش" مليئة بالثغرات. وهو ما قد ندفع نحن ثمنه لاحقاً، كما دفعنا ثمن السياسات السابقة، عبر مزيد من التفكك والولوج إلى الصراعات الأهلية والداخلية والطائفية، ومنح المفاتيح الذهبية للأفكار والثقافة المتشددة لتقتحم المنطقة، وتخطف آلاف الشباب العربي إلى أتون صراع طاحن، لن يأتي بخير على الأجيال الجديدة، ولا على الاستقرار الاجتماعي والسياسي!

الغد



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك