المزيد
الأردن.. الجزيرة تخشى الغرق

التاريخ : 01-09-2014 |  الوقت : 12:43:08

ما الذي يكون عليه الأردن "الجزيرة" وسط منطقة تشتعل فيها النيران من كل الاتجاهات؟ ملاذ اللاجئين؛ قبلة الأقليات المضطهدة؛ وجهة المستثمرين الهاربين من الحروب؛ دولة المواجهة مع إسرائيل وحامي حمى القدس والمقدسات؛ ورأس الحربة ضد المتطرفين؟
كل هذا أو بعضا منه لدولة تغرق في مديونية ثقيلة، وفاتورة طاقة تكسر الظهر، وعجز موازنة مزمن ومستفحل، ومعدلات فقر وبطالة قياسية، وعجز مائي جعلها على رأس قائمة الدول الأفقر في العالم، وتحديات ديمغرافية مؤرقة، ومجتمع يتلوى من ضغوط المعيشة وارتفاع كلف الحياة.
سيرد البعض بالقول إن الأردن على هذه الحال منذ قيام الدولة. صحيح، لكن التاريخ ليس خطا مستقيما؛ ثمة انعطافات مفاجئة تغير المسار وتأخذ في طريقها الإمبراطوريات، فكيف بالدول الصغيرة.
التحديات التي واجهناها من قبل كانت بحجم الدعم الذي تلقيناه، وبحدود قدرتنا على الصمود. عوامل الصمود الداخلي تآكلت تقريبا، ونحن بصدد تعريف أنفسنا من جديد؛ لم  ننجح حتى الآن، لكن لا أشك في قدرتنا على الوصول.
يبقى السؤال عن الدعم الخارجي؛ العربي والأجنبي. الجانب الأكبر من أزماتنا ناجم عن ظروف خارجة عن إرادتنا. لقد أنهكتنا حروب الإقليم وصراعاته، وتحملنا تبعات تفوق طاقتنا، وينتظرنا ما هو أصعب وأشد خطرا. براكين المنطقة ليست في وارد الخمود؛ إنها تزداد انبعاثا وتلقي بحممها في كل الاتجاهات.
الأردن لن يحتمل أكثر من ذلك. بعد حين سيكون أمام خيارات صعبة. عندما تفوق الضغوط القدرة على الصمود، سينفجر الوضع.
الداعمون التقليديون للأردن يغمضون العين عن الصورة، والسياسة الرسمية الأردنية لم تقرع جرس الإنذار بعد، وتجامل أكثر من اللازم.
يمكن للأردن، ببساطة، أن يخفض فاتورة نفقاته إذا تحلل من التزاماته تجاه قضايا المنطقة، لكن الثمن سيكون باهظا على الجيران. وله أيضا أن يدخل في مساومات إقليمية على حساب تحالفاته الحالية، وقد ينال مقابلها دعما من مصادر غير تقليدية.
يتساءل البعض: ماذا لو قدمت دولة خليجية مليار دولار للأردن اليوم؟ المبلغ معتبر من دون شك، غير أنه وفي ضوء أرقام الموازنة لا يعني شيئا؛ فهو مليار من أربعة مليارات تشكل فاتورة العجز في مجال الطاقة. من الصعب أن يلمس المواطن الأردني الأثر.
ثقب الموازنة سيبتلع المليار وكأنه لم يكن. يحتاج الأردن كي يعبر الوضع الحرج إلى حملة دعم أكبر؛ أموال واستثمارات، ومشاريع توفر فرص عمل، ودعم لقواته المسلحة لتبقى على جاهزيتها في مواجهة المخاطر.
سياسة الدعم بالقطارة كانت محتملة قبل سنوات، بيد أنها اليوم مضرة، ولا بد من جرعات أقوى ضمن برنامج متفق عليه. 
علينا قبل ذلك أن نراجع وضعنا ونبحث في ضبط النفقات؛ فأجهزة الدولة ما تزال متهمة بالتبذير. ليكن ذلك، لكن مهما ضغطنا في بند النفقات، فلن نسد فاتورة العجز المتضخم، وأعباء المديونية. ستبقى المشكلة أكبر من طاقتنا. في المرحلة المقبلة، سنخسر أكثر بسبب الأوضاع الإقليمية المتدهورة. صادراتنا ستتراجع، وكلف حماية الاستقرار الداخلي ترتفع، وإذا ما توسعت حدود الحرب في المنطقة كما هو متوقع، فسترتفع أسعار النفط.
المؤشرات المستقبلية كلها محبطة، ولا تبشر بالخير. القادم أسوأ من الحاضر، و"الجزيرة" الهادئة قد تغرق في بحر الفوضى إذا لم يبادروا إلى نجدتها.

 

الغد



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك