المزيد
تعرفون الحق والحق يحرركم !

التاريخ : 10-10-2013 |  الوقت : 11:19:18

تعرفون الحق والحق يحرركم ! الدكتور الشريف رعد صلاح المبيضين جاء في أنجيل يوحنا 8: 32 ( تعرفون الحق والحق يحرركم) ، إذن لا يمكن التوصل للحق بدون معرفة حقيقية ، قائمة على العلم ضمن بوابة اقرأ ، والتي كانت الدعوة لها صريحة في القرآن الكريم (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ، القراءة باسم الرب هي أساس من أسس البناء الإنساني الحضاري ، الذي يحتاج منا إلى الكد والسعي والإصرار والعزيمة ، لأن المسألة ليست رغداً وسعادة وسعة ودعة ، ولو كان الأمر كذلك فما فلسفة الحياة الدنيا ، هذه الفلسفة التي تقتضي ضرورتها إثبات فرديتك وذاتيتك وبصمتك الخاصة لرفد البناء الحضاري الإنساني المستمر إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، وهنا يتساءل المرء لماذا ؟ الإجابة لأن جوهر العبادة بكافة الديانات السماوية يتلخص في التفكر لغايات الإبداع ، والإبداع يحتاج منا إلى إدراك نابع من العقل الذي يتحرك من خلال المثيرات الحسية ، وهذه العملية وإن كانت طبيعية سهلة إلا أنها في تطورها تحتاج إلى تدريب ذهني يصل فينا إلى مراحل سريعة جداً في عملية تحويل كل ما يمكن تأويله علمياً إلى إدراك . وما يستوجب الانتباه إليه أن كل ما ذكرنا يعتمد بالدرجة الأولى على عوامل ذاتية ، خصوصاً وأن العوامل الموضوعية لوحدها في حقيقة الأمر لا تكفي لان للإنسان اهتمامات وميول كثيرا ما تؤثر في عملياته النفسية ، ـ سبحان الله ـ ورغم ما تحمله الحواس من أخطاء وما تتسبب فيه من خداع إلا أنها المادة الأساسية للإدراك وهي في حاجة إلى تدخل عقلي في إصدار الأحكام الصحيحة فالإدراك عملية حسية وعقلية في آن واحد لا يمكن الفصل بينهما، أما فهم الدين فإنه يحتاج إلى إبداع ، والإبداع يخضع إلى شروط ذاتية واجتماعية معا فالإبداع هو تجسيد لما يعيشه الإنسان نفسيا من معاني وصور وفي نفس الوقت يرتبط بما يحقق المجتمع ثقافيا وعلميا ، لهذا فإن الإبداع ليس مجرد الهام مفاجئ كما يعتقد البعض ، إنما هو ظاهرة فردية تضرب في أعماق جذورها الحياة الاجتماعية التي تعد المبدع بمادة إبداعه، ولكن كيف ؟ كيف وهو مقيد نفسياً بعقائد متوارثة جعلته حامل للتدين المغلوط ، لا حاملاً للدين الدافع إلى السمو والارتقاء غير المتناهي في الدارين الأولى والثانية ، ومقيد أيضاً بقوانين وسلطات فرضتها عليك الدولة التي يعيش فيها ، إضافة إلى مجموعة الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي يعتبر الخروج عنها جريمة تستحق العقاب الاجتماعي ، هذا عدا عن الأخطاء والخطايا التي جعلته مجرد آلة بشرية بشهوات حيوانية ، إلى درجة أنه لا يستطيع أن يستمر في الحياة إلا ضمن هذه السقوف التي برمجت حياته ضمن عبودية مخزية ، عبودية تخللها بعض الطقوس التي لا تعبر إلا عن تدين مغلوط لا أكثر ، سيما وأن أولى خطوات الدين تقتضي التحرر من النفس والظروف المحيطة بالإنسان ومن كل شيء ، لتبدأ بعدها رحلة التعرف على الحق الذي يحررنا من كل ما من شأنه أن يستعبدنا لمصالحه الخاصة ، والسؤال الملح : لماذا يحتاج الدين إلى التحرر ؟ في تقديري المتواضع أننا وبدون تحرر لا يمكن أن نسلم وجهنا لله محسنين لخلقه ، وفي التسليم لله علم لا متناهي، وفي الإحسان للخلق بناء حضاري من أجل ديمومة الحياة ، وفي كليهما تحرر متواصل وحرية ترتقي فوق الحرية اصطفاء ، كيف ؟ كلما تحررت كلما تعلمت، وكلما تعلمت اقتربت من فهم الصفات الربانية التي سيفيض بها كيانك إعجاباً ومحبة واعترافا وإقراراً بإحسانه سبحانه ، أي أن الحرية تهدينا إلى الحق الذي يهدينا إلى العلم ويحررنا من كل العوالق المؤدية إلى استعبادنا ، لكي تتحقق معاني العبودية في أرقى درجاتها والتي أشار إليها القرآن الكريم في حاثة الإسراء من خلال قوله جل في علاه : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) ، خاصة وأن حادثة الإسراء لا تتوقف عند حدود ذلك الفهم التقليدي المتوارث ، لأن فيها جملة من المعادلات والتحولات من المادة إلى الطاقة ومن الطاقة إلى المادة ، وفيها أيضا خوارق للجاذبية الأرضية ، هذه علوم وليست أساطير الأولين ، علوم تأتي بنهاية النظريات التي تتحدى ما توصلنا إليه من علم أسحاق نيوتن و آينشتاين ، علوم تفسر لنا حقيقة بناء الأهرامات في مصر ، وكل ما نحسب أنه من العجائب . أعود وأقول لا يمكن أن نستطيع بناء إنسان بالمعنى الديني العلمي الحضاري النافع إلا من خلال الدولة ، وبالمناسبة ليس في مورثونا الحضاري المسيحي والإسلامي ما ينفي وجود الدولة كضرورة لتحقيق العدالة وضمانة الإنسانية والأمن الإنساني للجميع ، حتى وإن كانت الدولة موضوعاً بشرياً متغيراً بحسب التحولات الفكرية والاجتماعية ، وقد نبهنا الحق جل في علاه لذلك من خلال قوله ( وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل ) والخطاب هنا جامع وشامل لطرفي المعادلة الحاكم والمحكوم وبغض النظر عن المعتقد وإن كان السياق يخاطب المسلمين تحديداً، والذين لا يجوز لهم شرعاً تطبيق شريعتهم على الآخرين من غير المؤمنين فيها لأن في ذلك خروج عن العدالة التي أمر فيها القرآن الكريم ، وقد قلت في مقالة لي تحت عنوان وإذا حكمتم بين الناس فاحكموا بالعدل ! نشرت بتاريخ 18 ـ 3 ـ 2012 م : (أتصور أن الحكم بالشريعة فيه ظلم للآخرين من غير المؤمنين بهذه الشريعة السمحة ، ولو حاولت تطبيق أبسط الأمور عليهم فأنني سأفشل ، ومن ضمن هذه الأمور الزواج مثلاً ، فكيف سأحقق هذا الأمر وفي المجتمع المسيحي واليهودي والبوذي وغيرهم ؟ ولا يمكن فرض ما جاءت فيه شريعتي عليهم، إضافة إلى أن الوصول إلى الشريعة لم يتحقق عندي بدليل موت الأمة ، إذن أنا أقول ما لا أفعل ، أطالب بتطبيق الشريعة على الآخرين لغاية فرض السلطان عليهم ليس إلا ، وبدون أن أقوم بأي من المبادئ التي تحث عليها الشريعة ! لكن ماذا يقول القرآن بحق أولئك : قال الله تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ)(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ)(الصف:2-3) ، أنا لا أعرف كيف نسمح لأنفسنا بأن نفرض الشريعة على الآخرين ونحن مخالفين لها ؟ ولكن هذا طبيعي جداً في أمة أعلنت وفاتها منذ قرون ، وبخاصة في ظل غياب مقومات الحياة عنها والتي تتمثل بالمقومات الستة التالية : القيادة الإنسانية الحكيمة ، والوحدة الإنسانية الاجتماعية داخل الوطن الواحد ، و تتمثل بما أسميه ( الوطنية الإنسانية ) الوطنية الجامعة ،و الأخلاق ، و العلم والمعرفة ، و الغنى والثروة ، و القوة الرادعة ، وهنا قد يأتي البعض من المنتفعين من حالة الضياع الذي تعيشه الأمة ويقول : وماذا لو بقيت الأمور على ما هي عليه ؟ وهل تتضرر السنة الإلهية إذا لم نكن كما قلت ؟! وإذا أردنا أن جيب نقول : نعم السنة الإلهية تتضرر كثيرا إذا لم نقوم بكل ما ذكرنا لأن غاية وجودنا العبادة ، وهذه الغاية لا تتحقق ونحن في ذيل الركب ألأممي ، المسألة لا تركب على بعضها البعض لا يجوز أن أكون عالم ثالث وأدعي أنني مسيحي أو مسلم أو يهودي لا يستقيم الأمر أبدا ، ولا يستقيم الأمر أيضا إذا لم أعلن كافة الديانات السماوية ( دين إسلامي ) لأن الدين عند الله الإسلام والإسلام يعني إقامة السلام ، إذن أول خطوات تحررنا يبدأ من إعلان السلام بين الديانات السماوية ، لنتمكن من عمل أرضية للآية القرآنية :{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات 57) وهذا هو الأساس في البناء الإنساني المنشود القادر على معرفة السلام والسلام هو الحق ( تعرفون الحق والحق يحرركم ) ! خادم الإنسانية


تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك