المزيد
اللي ماله بالة ماله عيد!! ملتقى الأغنياء والفقراء في الأردن البالة بمسماها الجديد الألبسة الأوروبية أو التصفية

التاريخ : 05-10-2013 |  الوقت : 04:12:01

عمّان – بث - بسام العريان قهرت البالة (الملابس المستعملة) في عنوانها الفضفاض التباين الطبقي، لكنها في التفاصيل عززته، ووحدها استطاعت، ولو شكلاً، قهر التباين الطبقي في الأردن ، فللفقراء بالتهم وللأغنياء بالتهم، فيما يواصلون الالتقاء ليوم واحد في عطلة نهاية الأسبوع في الأسواق المخصصة لبيع البالة، ولكل منهم بضاعته. في الأسواق المتخصصة لبيعها، التي تتوسع رقعة انتشارها يومياً، يتزاحم الفقراء والأغنياء على السلعة المعروضة ذاتها، رغمن اختلاف الاهداف والدوافع. "البالة "وهو اسم لمسمى واحد بات اليوم منتشرًا ونشطا ولاسيما في مواسم الأعياد، ومواسم الانتقال بين الفصول، إذ توفر هذه الأسواق الملابس والأحذية وحتى الألعاب بنوعية جيدة وأسعار أرخص من السوق العادي. وتعتبر أسواق البالة في شارع الطلياني بوسط البلد من أكثر الأسواق اكتظاظا بالزبائن خاصة بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية التي عصفت بكافة الشرائح الاجتماعية. وفيما بقيت البالة، بالنسبة للفقراء، ملاذاُ ينجيهم من غلاء الألبسة الجديدة، يلجأون اليها بحثاً عن ثياب رخيصة الثمن تستر اجسادهم من دون أن تتسبب في تعرية جيوبهم، أصبحت للأغنياء مقصداً يبحثون فيه عن الماركات العالمية، التي تضاعفت اسعار الجديد منها حتى أصبح يشكل شراؤها عبئاً لا يتمكن من مواجهته الا القليلون. لم يكن الحال كذلك دوماً. ففي السنوات الماضية، كانت البالة حكراً على الفقراء، وانحسر انتشار أسواق بيعها في مناطقهم، وغالباً ما كانت البضاعة تعرض في المحال كيفما اتفق من دون عناية أو ترتيب، وكان يكفي لشراء القطعة أن يكون قياسها مناسباً وخالية من العيوب الظاهرة للعيان، أما السعر فلم يكن محل تفاوض، فهو غالباً ضمن الموازنة. تغيرت الحال اليوم. وتعددت مسميات البالة وأصبح يطلق عليها «الألبسة الأوروبية» حيناً و«التصفية» أحياناً أخرى ، حتى لا تخدش مشاعر الأغنياء بعد أن انتشرت أسواق بيعها في مناطقهم. ولأن للأغنياء طقوساً، أصبحت البالة تعرض في منتهى الترتيب وتخضع قبل ذلك للغسيل والكي، وبدأت تعرف التفاوض على الأسعار بعد أن أصبح الباعة لا يترددون في طلب اسعار مرتفعة، إذ برعوا في معرفة ماركات الملابس وأسعارها في محال الجديد. في الزمن الماضي .... عرف الأردنيون البالة منتصف العام 1942. كانت الحرب العالمية الثانية على أشدها. كانت نيران المدافع بعيدة عن الأردن غير أن الآثار الاقتصادية للحرب طالت البلاد وضاق بها العباد بعد أن شحت السلع والأموال في آن واحد. منتصف ذلك العام، وصلت أسواق عمّان اول شحنات البالة، ودهش الناس وتساءلوا، وهم الذين اعتادوا عدم التخلي عن ملابسهم إلا في حال تلفها المطلق، عن السر الذي يجعل تلك الملابس شبه الجديدة تباع بأسعار بخسة. آمنوا بداية الأمر بالرواية التي تحدثت عن أنها ملابس الموتى، أو الجنود في الحرب، أو نفايات المستشفيات، فخافوا وأحجموا عنها، وهي الرواية التي أسقطتها الحاجة والفقر فعادوا الى شرائها، رغم انهم حملوها مسؤولية الأمراض التي كانت تنتشر بينهم في ذلك الزمان. وبعد أن كان استيراد البالة مغامرة يقبل عليها القليل من التجار، أستعر التنافس على استيرادها بينهم لجنيهم ارباحاً طائلة من تجارتها. ساهمت البالة في تغيير ذائقة الأردنيين، وأنماط لبسهم. بداية الأمر، استهجنوا الألوان غير المألوفة للملابس التي تجود بها البالة، استثنوها من خيارات الشراء، كما استثنوا الملابس غريبة القصّات، ولم يكونوا يتورعون عن التندر ممن يغامرون ويقدمون على شراء تلك الملابس التي كانت تباع بثمن أقل، بل ويطلقون عليهم ألقاباً مسيئة. وهذا لم يصمد أيضاً. تسللت الملابس بجميع قصاتها وألوانها، وأصبحت جزءاً من نمط اللباس الشائع. حتى أن محلات الملابس الجديدة والخياطين راحوا يحاكون ملابس البالة في صناعاتهم. ... وفي الزمن الحاضر لم تسلم البالة من متوالية ارتفاعات الأسعار التي تعددت أسبابها، فجاءت متوافقة مع مبدأ العرض والطلب، فكلما تهافت الناس على محال البالة سعى الباعة إلى رفع أسعارها، وهي كانت حافظت لوقت طويل على فرق كبير في السعر بينها وبين الملابس الجديدة. الفجوة قلّت بعد أن دخل الأغنياء أخر معاقل الفقراء وتحولت البالة إلى هدف للباحثين عن الماركات، ما فتح اعين الباعة على أفق جديد يبررون به رفع الأسعار. كما لم تسلم البالة من الضرائب الحكومية على استيرادها، التي تنعكس على أثمان القطع. واليوم يوجد أسواق للبالة محرّم على الفقراء دخولها، حيث تباع الملابس فيها بأسعار تفوق اسعار ملابسَ جديدة تُصنع محلياً. كما أصبحت أسواق البالة محط أنظار عدد متزايد من المواطنين ذوي الدخل المحدود بخاصة مع توفر البضائع في هذا السوق المزدحم بالملابس الأوروبية المستعملة. وحين الدخول لتلك الأسواق تدهشك أشكال الناس. أثرياء وفقراء، مواطنون ضاقت بهم السبل فلجأوا إلى هذه الأسواق لسد حاجتهم من الملابس الصيفية ومستلزمات فصل الشتاء، بعضهم يتباهى بما يشتري وآخرون يترددون حسب الحاجة، وفئة أخرى تتدافع يوميا أمام محلات لبيع البالة "الملابس والحاجيات المستخدمة والقديمة" لشراء بعض منها هذه التجارة التي انتعشت في الأردن كثيرا بسبب الظروف الاقتصادية التي تعصف بالجميع، مع العلم أن أصحاب البسطات لا يرون أنها انتعشت بل حتى هم يقاسمون الفقراء الخسارة. حظك ياأبو الحظوظ .. قد يشتري التاجر الصغير شوال باله مغلق ويكون بداخله جاكيت كشمير 100% سعره بالسوق ألف دينار ويحصل عليه بدينار واحد أو أقل . وعن كيفية الحصول على بضاعة التجار ومصدرها فهم يشترونها عبر طريق تجار الجملة في عمان والذين يستوردونها من الدول الغربية والأوروبية ضمن رسوم جمارك تفرض عليها ثم يبتاعها أصحاب المحلات والبسطات ضمن شوالات كبيرة توزن بالطن حسب حاجة التاجر تكون على شكل بالات كبيرة مغلقة، لا تعرف مواصفاتها، وعند الحصول عليها يتم فرزها حسب جودتها وكل تاجر حسب حظه". كما أن تجار محال البالة والبسطات لا يعرفون قياس البضاعة أو حجمها قبل شراءها فهي مختلفة، ولكن عندما يتم يفتحها حينها فقط يستطيع التاجر أن يقدر جودتها حسب خبرته بها" فيقوم بتفقد البضاعة وفرزها واستبعاد المضروب منها وإصلاح ما تعرض للتلف حتى يعود جديدا". ومن جهة أخرى فإن الأسعار التي تدفع لمستوردي البضاعة "عالية وباهظة كونها تخضع لرسوم تفرض من الجمارك". أحذية نخب أول وتسمى "كْريمة"!! إن من بالات الأحذية ما يعد نخبا أول يسمى في لغة التجار من حيث الجودة (كريمة) ويوجد نخب ثان وثالث". والحركة الشرائية آنياً تعد خفيفة إلى حد ما وتختلف عن حدتها في السنوات الماضية، حيث كانت أفضل بشكل كبير ولا مجال للمقارنة". ويرجع هذا التفاوت في الحركة إلى "سوء الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون وسط غلاء المعيشة وشح المصادر المالية" وضعف الحركة الشرائية يعاني منها جميع التجار على حد سواء". والبضائع التي يتم بيعها هي من منشأ أوروبي واجنبي يعمد التجار إلى استعمالها بشكل خفيف ثم يتخلصون منها وهي مستخدمة لفترة بسيطة وتمتاز بالجودة والنظافة وهناك إقبال كبير من جميع الشرائح على شرائها سواء من ذوي الدخل المحدود والمتوسط والفقراء حيث يجد الكل ضالتهم فيها وأسعارها متفاوتة حسب جودتها وفي متناول الجميع". مصدر ملابس البالة هو ألمانيا وأمريكا وقد تأتي لبعض الدول الغربية على شكل مساعدات لتجار استيراد الألبسة الأوروبية ثم يقومون بالاتجار بها وتصديرها إلى محلات البالة والبسطات ". إذ يتم الحصول على هذه البالات عن طريق شركات تستوردها من الخارج وتدفع مقابلها رسوم الجمارك المحددة حسب الكمية المستوردة ثم يشتريها التجار كل حسب اختصاصه، فمنهم من يختص ببيع الألعاب ومنهم من يختص ببيع الملابس أو الأحذية أو الخردوات وغيرها ثم يتم فرزها حسب جودتها وإصلاح التالف منها وتصنيفها وبيعها للمشترين بأسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود والذين لا يستطيعون كسوة أولادهم في المناسبات المختلفة". معظم بضائع البالة تمتاز بطراوة السعر ومن السهل الحصول عليها من قبل جميع الطبقات الا أن التجار يطالبون الحكومة بأن ترفع رسوم الجمارك عنها كونها تثقل كاهل التجار بحيث يصبح الإقبال على شراء هذه البضائع من التجار والمواطنين أكثر". عندما يتم شراء البالات تكون موجودة في صناديق كبيرة مغلقة منها ما يأتي مغلقا من الشركات المصدرة في الولايات المتحدة الأمريكية وبلجيكا ومنها ما هو مصنف والذي يحمل جودة أعلى ويباع بأسعار مرتفعة". في حين يتخلص التجار من الملابس غير المناسبة والقديمة منها عبر بيعها على بسطات الأرصفة بأسعار رخيصة للغاية". إن الحركة الشرائية امتازت هذه السنة بالضعف والتراجع مقارنة بالسنوات الماضية حيث أصبح المواطن لا يستطيع هذه الأيام تأمين قوت عياله فكيف يعمد إلى شراء الملابس لهم حتى لو كانت مستعملة وسعرها رخيص؟". بضاعة مضمونة وماركات عالمية .. ان الذي يدعو الناس للشراء من البالات هو الجودة العالية التي تتميز بها القطعة المستعملة وكذلك سعرها المناسب كونها تخدم لفترات طويلة دون تلف سريع كما هي البضاعة الجديدة التي تتميز برداءة صناعتها وضعف مادتها أما البضاعة الأوروبية فهي مضمونة". كما يقوم المواطن بابتياع مستلزماته من متاجر الألبسة والأحذية الأوروبية حسب حاجته ولجميع أفراد عائلته في مختلف المناسبات لأنها تمتاز بأسعارها المناسبة والتي ارتفعت عن مثيلاتها في السنوات السابقة رغم ضعف الحركة الشرائية". فالمواطن يفضل "البضاعة الأوروبية لأنها تخدم لفترات كبيرة بسبب نوعيتها الممتازة" والمعارض الجديدة تعمد إلى تزيين محالها بالديكورات الباهظة الثمن واللافتة للنظر بالإضافة إلى أجرتها مما يدعوهم لتعويض ما دفعه المشتري برفع سعر القطعة لديهم على حساب المواطن الغلبان مما يثقل كاهله". زبائن دائمون .. إن الزبون الدائم الذي يتسوق من محالات البالة، يبتاع منها في مواسم الأعياد ويأتي بشكل دوري ومكثف حتى يجد ضالته من الخامة النظيفة والموديل الجميل والسعر المناسب". وبرغم أن هنالك ارتفاعا في أسعار البالة مقارنة بالسنوات السابقة الا ان هذه الملابس تبقى الأكثر رواجاً .


تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك