المزيد
رفع ضريبة الاتصالات الخلوية غير دستوري وغير محسوب العواقب

التاريخ : 15-07-2013 |  الوقت : 03:22:51

وكالة كل العرب الاخبارية

*القرار يتجاهل الدور التشريعي والتشاركي للنواب
*قد ينشأ عن القرار انخفاض في إيراد الخزينة وتراجع في العمالة والنمو الاقتصادي

وكالة كل العرب الاخبارية- المحلل الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي - ينص الدستور الأردني على عدم فرض أية ضريبة إلا بقانون، وعلى الأخذ بالمبدأ التصاعدي للتكليف مع تحقيق المساواة و العدالة الاجتماعية بالترافق مع مراعاة مقدرة المكلفين وحاجة الحكومة إلى المال.

القرار الحكومي الأخير برفع الضريبة على الاتصالات الخلوية 100 بالمئة غير دستوري ويمثل تغولا سافرا على الدور التشريعي لمجلس النواب.

ذلك أن القرار بـ "فرض هذه الضريبة الإضافية" لم يشرع من قبل مجلس النواب، ولم يشمل تعديلا لأي من القوانين النافذة عبر القنوات الدستورية.

الأسوأ من هذا كله أن يأتي هذا القرار رغم انعقاد مجلس النواب، وهو ما يمثل تجاهلا للسلطة التشريعية على صعيدي الدور التشريعي والتشاركي في صنع القرار.

قد يكون هناك طرح مقابل بأن التعديل على قيمة الضريبة الخاصة وضريبة المبيعات يخضع لسلطة الحكومة بحسب القوانين والتعليمات القائمة.

بيد أن هذا الطرح يتجاوز أبسط القواعد القانونية بسمو الدستور على القوانين والأنظمة والتعليمات، فضلا عن تجاوزه العرف القاضي بالتشاور مع مجلس النواب في القرارات التي تمس الشرائح الكبرى من المواطنين.

التجاوز الدستوري لا يقف عند غياب التشريع، إنما يمتد ليشمل تجاهلا لمبدأ تصاعدية الضريبة، بل ليشكل في الواقع منحا تنازليا للتكليف.

ذلك أن الارتفاع البسيط على فاتورة الشخص متوسط الدخل يمثل أضعاف ما يشكله الارتفاع الكبير على فاتورة الشخص عالي الدخل، إذا ما قورن الارتفاع بدخل كل منهما.

والسؤال المطروح هنا يدور حول سبب ثبات نسبة الضريبة الجديدة على جميع الشرائح بغض النظر عن حجم الاستهلاك، و هو ما ينطوي على عدم مراعاة ذوي الدخل المحدود وتمييز غير مبرر لذوي الدخل المرتفع.

ما تم سرده من معطيات يجعل من موقف الحكومة هشا فيما يخص الضريبة الإضافية إذا ما تم استجوابها من قبل مجلس النواب أو استفتاء المحكمة الدستورية حول دستورية القرار.

المشكلة الأخرى في القرار كونه ينظر إلى الضريبة من حيث معدلها فقط ودونما أدنى التفات إلى ما سيعكسه قرار الرفع من آثار سلبية على إيرادات الخزينة من جهة وعلى الفئات المتوسطة والفقيرة من جهة أخرى.
فالأساس أن تسعى الحكومة إلى رفع إيرادها من الضريبة و ليس السعي فقط إلى رفع معدلاتها حتى لو تمخض ذلك عن انخفاض في إيرادها الكلي من الضرائب.

أولم تتعظ الحكومة من قرارها رفع الضريبة على الدخان وما أسفر عنه ذلك من انخفاض في إيرادها السنوي بحوالي 200 مليون دينار؟ أو لا تنظر الحكومة إلى بيانات النمو الاقتصادي الذي تراجع بسبب التقشف وتسبب بالمقابل بانخفاض إيراداتها من شتى أنواع الضرائب والرسوم؟

الغريب أن الحكومة ورغم التجارب المريرة السابقة لا تلجأ قبل اتخاذ مثل هذا القرار إلى إعداد دراسة وافية تقدر الإيراد المتوقع والأثر الاجتماعي والاقتصادي على مختلف شرائح المجتمع والقطاعات الاقتصادية.

وهذا ما تثبته تجربة الحكومة مع قطاع الاتصالات عندما قررت طرح عطاء الترددات الجديد من دون إعداد أية دراسة لواقع سوق الاتصالات في المملكة.

يقف مستهلكو الخدمات الخلوية من الطبقة الوسطى اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما: الأول تخفيض الاستهلاك والثاني الحفاظ على الاستهلاك مقابل تقليص الاستهلاك من السلع الأخرى المنفق عليها سابقا.

الخيار الأول ممكن التطبيق وقد يؤدي إلى تراجع إيراد الحكومة نتيجة انخفاض في الاستهلاك أصبحت تشجعه خدمات الاتصال عبر الإنترنت، وإمكانية الانتقال إلى خدمات الاتصال الأرخص والأقل كلفة، وهو ما من شأنه أيضا تراجع أرباح قطاع الاتصالات وبالتالي ضريبة الحكومة المتأتية من دخل الشركات في القطاع.

كما أنه من الممكن لانخفاض الاستهلاك وتراجع أرباح قطاع الاتصالات قيام الأخيرة بالاستغناء عن جزء من عمالتها أو لجوئها إلى العمالة الأجنبية الأرخص أو تحويل جزء من أقسامها الخدماتية إلى خارج المملكة.

أما بالنسبة للخيار الثاني فسينتج عنه تخفيض المستهلك لشرائه سلعا أخرى بهدف الحفاظ على استهلاكه الخلوي كما هو، الأمر الذي سيخفض إيراد الحكومة من السلع المستغنى عنها ويضر بقطاعات اقتصادية أخرى أبلغ الضرر.
لا يوجد اليوم ما يثبت علميا حجم الأثر السلبي الذي قد يترتب على الخطوة الحكومية الأخيرة برفع ضريبة الاتصالات الخلوية.

بيد أن الحقيقة الماثلة أمام الجميع تكمن بازدياد حساسية المستهلك الأردني لأسعار السلع، بدليل تراجع النمو الاقتصادي نتيجة ارتفاع الأسعار، وانخفاض الإقبال على الدخان المهرب إلى النصف نتيجة انخفاض أسعار المنتج المحلي.
الحقيقة السابقة تحد بحسب التجارب الاقتصادية من الأثر الإيجابي لرفع الضريبة على واردات الخزينة، بل وتتسبب في بعض الأحيان بتراجعها.

بانتظار الدراسة الحكومية لأثر القرار واستفتاء المحكمة الدستورية حول دستوريته



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك