المزيد
المعنفات: معاناة مستمرة وآفاق محدودة

التاريخ : 26-03-2013 |  الوقت : 01:09:57

وكالة كل العرب الاخبارية :  يشكل انعدام فرص المعنفات في العودة لمحيط أسرهن، قضية تؤرق مقدمي الخدمات، للنساء ضحايا العنف الأسري، في ظل شح البدائل امامهن في الاعتماد على أنفسهن والاندماج في المجتمع مجددا.
وتكمن الإشكالية في استحالة بقاء المعنفات؛ أسيرات لدور الحماية، كونهن لم يقترفن أي جرم ليحرمن من حريتهن، فيما قد يصل الأمر الى تهديدهن بالقتل من ذويهن، حال خروجهن من مؤسسات الرعاية.
وتقول مديرة دار الوفاق للمعنفات الاسري الدكتورة زين العبادي إن "غالبية مراجعات الدار، يجري مصالحتهن أو القيام بتسوية مع اهاليهن، يعدن بموجبها لأسرهن، أو إلى أسرة قرائبية بديلة، لكن في حالات أخرى ولظروف معينة، يستحيل عودتهن، وبالتالي يبحثن عن بدائل أخرى، كتمكينهن اقتصاديا للعيش باستقلالية".
وخلال زيارة نظمها المجلس الوطني لشؤون الاسرة للدار التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية أول من أمس، التقى الفريق الصحفي خمس حالات لمعنفات، لم تسمح ظروفهن بعودتهن لأسرهن، اثنتان منهن خرجن من الدار ويعتمدن اقتصاديا على أنفسهن، وأخرى انتهت مشكلتها بالزواج، واثنتان يقمن حاليا في الدار، لحين ايجاد مخرج لمشكلاتهن، التي وصفتها العبادي بـ"شديدة الخطورة".
وتعاملت الدار العام الماضي مع 699 سيدة وفتاة معنفة، يرافقهن 165 طفلا وطفلة، اذ يبلغ عدد من استقبلتهن الدار العام الماضي 864، بزيادة مقدارها 130 عن العام 2011.
وتصل نسبة المنتفعات من خدمات الدار غير المتزوجات 60 %، في حين أن نسبة من تتراوح اعمارهن بين 14 و25 عاما نحو 72 %، في حين ان نسبة من هن فوق الـ 40 تصل إلى 3 % فقط.
"منى" اسم مستعار لواحدة مضى على وجودها في الدار عام وأربعة شهور، لتعتبر من أقدم المنتفعات المقيمات في الدار حاليا، بعد أن تم تحويلها للدار من قبل ادارة حماية الاسرة، إثر تعرضها لتعذيب وحشي من والدها. 
وأحدثت قضية منى، ضجة كبيرة في أوساط الناشطين والناشطات في مجال حقوق المرأة، لبشاعة ما تعرضت له من تعذيب، وصل حد انتزاع اسنانها بالكماشة وتقطير عينها بالكاز، ما أفقدها بصرها في إحدى عينيها، وحياكة جفونها واطفاء أعقاب سجائر في جسدها، وضرب مبرح يومي.
وخلال إقامتها في الدار، عرضت منى لجلسات علاج نفسي واجتماعي وعمليات جراحية، طبية وترميمية وتجميلية.
كما تم تحريك شكوى بحق والدها، لكن القضية سقطت بالعفو العام، وفقا للعبادي، التي بينت أنه قبل أسابيع، رفعت شكوى تعذيب بحق الوالد.
وقالت منى للصحفيين، إنها لا ترغب بالعودة مجددا لأسرتها؛ فمجرد التفكير بهم، يشعرها بالخوف من العودة للمعاناة ذاتها.
وقبل نحو ثلاثة شهور، وبعد خضوعها لبرامج تأهيل مهني بسيطة، تم تأمينها بفرصة عمل في جمعية خيرية، وفرت لها كذلك مكانا للسكن.
تجربة منى في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي؛ لم تستمر طويلا لعدم قدرتها على التكيف مع بيئتها الجديدة، بعد ذلك وبالاتفاق مع قريب لها، انتقلت للعيش لدى عائلة بديلة، تربطها بها صلة قرابة، لكن تهديد الاب المتواصل لها ولاسرتها البديلة، دفع بادارة الدار لاعادتها للمؤسسة، حفاظا على سلامتها.
وتبين العبادي إن "جهودا تبذل في الوقت الحالي لايجاد مخرج آمن لمنى، لتعود وتتمتع بحياة طبيعية خارج أسوار المؤسسات عبر التعاون مع المؤسسات الشريكة والداعمة، فضلا عن المحاولات المتكررة للتواصل مع والدها".
الدار التي تتسع لنحو 50 سيدة وأطفالهن، لا تقتصر خدماتها على الاردنيات، وتشمل أي سيدة أو فتاة معنفة ومعرضة للخطر تعيش في الاردن، اذ تقيم فيها حاليا، نساء من الجنسيتين السورية والعراقية، نتيجة أوضاع بلادهن السياسية، الى جانب نساء من جنسيات عربية وأجنبية أخرى، ما يتسبب بضغط كبير على خدمات الدار.
"مريم" اسم مستعار لسيدة من جنسية عربية؛ هربت وأبناءها من بطش زوجها، في بلد يعاني عدم استقرار أمني وغياب سيادة القانون، فبعد لجوئها للأردن بفترة قصيرة، تبعها زوجها وأفراد من عائلته، لقتلها واعادة الأطفال إلى وطنهم.
ولجأت مريم لادارة حماية الاسرة، التي حولتها بدورها هي وأبناءها منذ ستة شهور الى دار الوفاق، وبرغم خلاصها من بطش عائلة زوجها، لكن الخيارات أمامها معدومة، فعودتها لوطنها مستحيلة، وخروجها واستقرارها خارج الدار، يتطلب توفير شروط أمان متعددة لضمان عدم وصول زوجها إلى مكان اقامتها.
العبادي أوضحت أنه "يتم العمل حاليا مع شركاء محليين ودوليين لحل مشكلة مريم وأسرتها، بما يضمن توفير حياة طبيعية لهم وليستكمل أبناؤها دراستهم".
في المقابل، فإن نسبة من الحالات التي تعذرت عودتها لمحيطها الاسري، تمكنت دار الوفاق من تأمينها بحياة مستقلة، عبر توفير فرص عمل ومسكن لها.
"نهى" (19 عاما)؛ تعرضت للاغتصاب من قبل شقيقها قبل أربعة أعوام، اذ يقضي حاليا محكوميته في مركز اصلاح وتأهيل، بينما أمضت هي نحو 3 اعوام من حياتها في مركز رعاية الفتيات (الخنساء) ونحو 8 أشهر في دار الوفاق.
تقول نهى، وهو اسم مستعار، إنها خلال اقامتها في دور الرعاية، تمكنت من استعادة ثقتها بنفسها، وحصلت على تدريب مهني، أهلها للعمل في إحدى المؤسسات، وفي الوقت ذاته، التقدم لامتحان الشهادة الثانوية.
حكاية "نهى" تتشابه مع قصة "رين"، إحدى خريجات قرى الأطفال، تعرضت لعنف شبه يومي من قبل زوجها، فوفرت لها دار الوفاق فرصة عمل في دار رعاية، وراتبا شهريا، ومسكنا وغطت احتياجات أبنائها من الغذاء ومستلزمات الحياة اليومية.
"لين" اسم مستعار كذلك لفتاة تعرضت لتحرش جنسي من والدها منذ كان عمرها 11 عاما، وبقيت مستسلمة له على مدار اعوام، حتى تقدمت بشكوى لادارة حماية الاسرة، فدخلت دار الوفاق للمرة الاولى قبل 4 أعوام.
مشكلة "لين" تمت تسويتها بعد أن استقبلتها أسرة أحد أقاربها، لكن قبل نحو عام عادت للدار نتيجة مضايقات احاطت بها تحديدا من والدها، الذي رفض تزويجها بشخص تقدم لخطبتها، لاسباب غير منطقية، وفقا لها.
"لين" عادت للدار قبل نحو 4 شهور، تم خلالها تسوية مشكلتها مع أسرتها وحاليا تعيش مع زوجها.
وبلغت حالات التكرار في دار الوفاق 62 حالة، أي بنسبة 8 %، وغالبا ما تعود تلك الحالات للدار بعد تكرار العنف عليها من قبل المعنف ذاته، أو لرفض الاسرة اعادة دمج الضحية.
وبحسب أرقام الدار؛ فإن قائمة مسببي الإساءة للمعنفات، يتصدرها الأب بنسبة 36 % ثم الزوج 28 ٪؛ يليه الشقيق بـ 17 ٪، فأحد الأقارب 7 % ثم خارج نطاق الأسرة 4 %، وأخيرا الشقيقة 1 %.
أما المستوى الاجتماعي والاقتصادي للضحية؛ فان 6 % من المنتفعات بحسب أرقام وزارة التنمية، أنهين تعليمهن الابتدائي، و69 % بلا عمل أو ربات منازل، و32 % منهن وضعهن الاقتصادي متدن، و44 % وضعهن متوسط، أما ذوات الدخل المرتفع فنسبتهن 24 %.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك