المزيد
جادات ميونيخ وطريق الشام

التاريخ : 03-02-2013 |  الوقت : 07:16:42

وكالة كل العرب الاخبارية

حرص وزير الخارجية الروسي على اجراء لقاءات منفردة في ميونيخ على هامش الدورة التاسعة والاربعين لمنتدى سياسات الامن الذي شارك في اعماله زهاء 350 شخصية، بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء خارجية ودفاع ورجال اعمال وخبراء ومحللون . وكان الملف السوري اكثر الملفات حضورا في المنتدى الذي تستضيفه المدينة البافارية : احد اهم المراكز الثقافية العالمية المشهورة باربع جادات ملكية تتميز باختلاف طرز العمارة في ابنيتها التاريخية .

وفيما تاكدت المعلومات  المنشورة عشية الاجتماع بان ميونيخ ستشهد لقاءا بين الوزير الروسي والشيخ معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض ؛ فان التقارير، التي توقعت لقاءا ثلاثيا يجمع الخطيب مع لافروف ونائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن ، بالغت في التفاؤل، اعتقادا بان مواقف موسكو وواشنطن غدت متقاربة بشان سبل تسوية الازمة السورية .

ويتضح من لقاءات لافروف المنفردة مع بايدن ، والمبعوث الاممي الى سوريا الاخضر الابراهيمي ، واخيرا مع الخطيب بان جادات التسوية مختلفة كجادات ميونيخ .

وفي المعلومات فان لافروف الذي عبر عن الارتياح لان الشيخ المعارض سعى للقائه ويرغب في تفهم موقف موسكو ، شجع الخطيب على لقاء وزير خارجية ايران الذي شارك في منتدى ميونيخ حاملا ملف بلاده النووي والملف السوري على محملين . في النووي تاكيدات للغرب ولاسرائيل بان البرنامج سلمي . والملف السوري على محمل ان طهران تبحث عن تسوية سياسية تتجاور مع الجادة الروسية التي كان الاميركان وحلفاؤهم الغربيون الى فترة قريبة يتعاملون معها بانها " درب الصد ما رد"، الى ان وصلت الحرب الاهلية في بلاد الشام مرحلة خطيرة تهدد امن حلفاء واشنطن . فبدأت عواصم القرار تعزف على لحن المفاوضات، فيما السوريون يدفنون كل يوم مئات الضحايا ، وتتدمر تحت القصف اجمل واعرق مدن الشرق القديم . ولايران جادتها الخاصة للوصول الى حل في سوريا ، يضمن بالدرجة الاولى الحفاظ على قوة حزب الله في لبنان وعلى نظام المالكي في بغداد. وربما يشترك معهم الروس في الهم الثاني . الا ان اساليب طهران في الوصول الى الهدف اكثر التواءا من اساليب موسكو التي يشعر وزير خارجيتها بالارتياح لان "الروافض" في المعارضة السورية او بعضهم صار يأخذ بمبدا التفاوض، وان اثقله الخطيب بالشروط .

كان " اصدقاء سوريا " اغدقوا الوعود دون حساب او عتاب . الى ان ايقن معارضو النظام في دمشق  بان كلام الغرب المعسول الغارق بالوعود ليس اكثر من حلم ليلة صيف ، مسرحية شكسبير الشهيرة التي لم تتوقف اقدم مسارح ميونيخ عن عرضها، الا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية. وهاهم "الاصدقاء" كالجوقة بصوت مدو واحد "هيا الى التفاوض" بعد شهور من الدم تحت راية " لا حوار مع النظام " .

لم يتغير أداء نظام الرئيس بشار الاسد منذ ان اختار الحل الامني جادة لتسوية الازمة . كما ان حاملي السلاح بوجه النظام ، لم ينزعوا الابر عن بنادقهم. ومن غير المحتمل ان يكون ضمير " اصدقاء سوريا " قد استيقظ فجاة على نزيف دم السوريين .

ماذا جرى اذا ؟

تصرف لافروف بحذر شديد في ميونيخ . التقى بايدن والابراهيمي والخطيب على انفراد . بل ان اللقاء بين الوزير الروسي و المبعوث الاممي لم يستغرق غير بضع دقائق الامر الذي يشير الى ان لافروف لم ينتظر من الدبلوماسي المعتق جديدا ، كما هو حال الابراهيمي الذي كان يأمل في لقاء ثلاثي يجمعه برأس الدبلوماسية الروسية ونائب الرئيس الاميركي، كي يطرح امامهما وجها لوجه مقترح استصدار قرار دولي يلزم فرقاء الصراع في سوريا التقيد ببنود وثيقة جنيف الصادرة في 30 حزيران / يونيو / 2012 .

الاميركيون اثبتوا قبل ميونيخ انهم خبراء في التخدير عبر جرعات وعود اوصلت ملايين السوريين الى مخيمات اللجؤ والنزوح . ودمرت مدنهم واهلكت الضرع واحرقت الزرع ونشفت الحليب في صدور الثكالى والدموع في مآقي الرجال . مشاهد ينفطر لها الصخر لكنها لم تحرك ضمير العالم الذي هب صانعو قراراته فجاة وبصوت واحد يطالبون بالحوار .

واشنطن القلقة على مصير حلفائها في المنطقة وعلى رأسهم اسرائيل ، لا تريد للمعارضة الاصولية الوصول للسلطة في سوريا . في نفس الوقت لا تريد لبشار الاسد ان يبقى في سدة الحكم بعد قرابة العامين من تصريحات متواترة تطالبه بالرحيل . ولان اليانكي لايريد الاعتراف بان الدعوة الروسية التليدة للمفاوضات بين النظام ومعارضية صارت مطلوبة ؛ فان بايدن ومن منصة ميونيخ كرر الاسطوانة المشروخة حول طبيعة النظام في سوريا، مع دعوة في ذيل الكلام الى الحوار !

لم يكن مطلوبا من مؤتمر ميونيخ التوصل الى مواقف حاسمة بشان الملف السوري الذي شغل المنتدين حتى على موائد العشاء . بيد ان المشاركين كشفوا في ندوات تتسم بطابع حر غير رسمي ، خلافا لجلسات الامم المتحدة ، عن الرؤى الحقيقية للاطراف الدولية والاقليمية من نزاع سيدخل الشهر القادم عامه الثالث دون اي تحرك جاد باتجاه وضع نهاية له تحفظ ارواح السوريين . فغالبية اللاعبين الخارجيين ينظرون الى الازمة في سوريا من ثقب الامن الاسرائيلي، وعدا ذلك تفاصيل ثانوية .

لا تلتقي الجادات الدولية في حل الصراع السوري . ثمة جادة واحدة اسمها طريق الشام .



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك