المزيد
المُشكلة فِينَا

التاريخ : 26-12-2019 |  الوقت : 12:57:06

وكالة كل العرب الاخبارية - بقلم سلامة الدرعاوي - لجأ الأردن لِصندوق النقد الدوليّ بعد الأزمة الاقتصاديّة سنة ١٩٨٩ ودخل معه ببرامج للتصحيح استمرت حتى عام ٢٠٠٤، والهدف منها تعزيز الإصلاح الماليّ ومُعالجة التشوّهات الحاصلة في الميزانيّة خاصة فيما يتعلق بالعجز والمديونيّة، لكن للأسف العجز بقي يتنامى والمديونيّة بأرقامها المُطلقة بارتفاع.

حتى البرنامجين الأخيرين مع الصندوق مُنذ عام ٢٠١٢ ولغاية الآن لم يعالجا أزمة المديونيّة، بل على العكس قد تضاعف إلى أن تجاوز الـ٩٦ في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ، و٣٠ مليار دينار تقريباً بالأرقام المطلقة.

رغم استمرار الحُكومات برفع الدعم عن المحروقات والتعرفة الكهربائيّة بحجة أنها تشوّه ماليّ خطير وفي عدم عدالة بإيصال الدعم إلى مُستحقيه حسب الخطاب الرسميّ، إلا أن العجر في الموازنة ارتفع بشكل كبير هو الآخر.

الحُكومات المختلفة تبنت برامج التخاصيّة بهدف تعزيز دور القطاع الخاص والنهوض الاقتصاديّ، ومع كُلّ مشاريع الخصخصة في النهاية نجد أن الحُكومة استعادت جزءاً كبيراً من حصصها من الشركات المُباعة إما مباشرة أو من خلال الضمان مثلما الحال في شركات النقل والكهرباء، والأكثر غرابة انه بعد كُلّ ما حدث من تخاصيّة ما زالت الحُكومة تسيطر على اكثر من ٥٦ في المئة من الناتج المحليّ الإجماليّ.

اتفاقيات توليد الطاقة المتجددة التي أبرمتها الحُكومات مع شركات استثماريّة لمدة ٢٥ عاما، هي الأخرى خالفت الهدف الأساسيّ منها، فالأمل كان أن تنخفض أسعار الكهرباء على المواطن وأن يجني ثمرات هذا الانخفاض بعد انتشار الطاقة المتجددة، إلا أنه للأسف لم يشعر بها أبداً بسبب التعرفة الكبيرة التي تتقاضها تلك الشركات من الحُكومة لقاء إنتاجها لكهرباء تفوق حاجة المملكة، وتقدّر كُلّف ما تتقضاه تلك الشركات من الخزينة بحوالي ٤٠٠ مليون دينار تدفعها الحكومة للشركات دون أي عائد.

المجتمع الدوليّ لم يترك الأردن وحيداً في أزماته الاقتصاديّة المُختلفة، وقدم مساعدات كبيرة للاقتصاد، غالبية تلك الأموال أنفقت على نفقات تشغيليّة غير استثماريّة، ولم تحقق أي مردود إيجابيّ على النُمُوّ الاقتصادي ولم يتلمس اثرها المواطن بالشكل المطلوب كما هو الحال في المنحة الخليجيّة والبالغة ٣.٧ مليار دولار حيث وجُه غالبيتها لتمويل مشاريع ذات قسمة مضافة ضعيفة أن لم تكن مفقودة، فغالبية مشاريع المنحة كانت مخصصة لـ”تزفيت الشّوارع “وبقيمة اقتربت من المليار دينار.

الحُكومات هي من دخلت في مشاريع تطوير القطاع العام وتأهيله ورفع كفاءته والنتيجة هي تراجع في الأداء والإنتاجيّة وانتشار المحسوبيّة وغياب العدالة في التعيينات وبيروقراطية عقيمة كما هي عليه الآن.

أقولها بصراحة، نعم هناك تحدّيات خارجيّة تُلقي بظلالها على شؤوننا الداخليّة، لكن التحديّ الأكبر هو تراجع الإدارة العامة وغياب العقل الاقتصاديّ المؤسسيّ في السنوات الأخيرة، فالمشاهد السابقة التي ذكرتها هي وليدة إدارات فارغة من المضمون والفكر الممنهج والسليم، لذلك لا تلوموا الخارج بل أنفسكم على ما قمتم به.

Salamah.darawi@gmail.com



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك