المزيد
الجَديد في خطابِ الموازنة

التاريخ : 09-12-2019 |  الوقت : 11:36:37

وكالة كل العرب الاخبارية - بقلم سلامة الدرعاوي - ليس صحيحاً أن خِطاب الموازنة هذه المرّة كان مُشابهاً للخطابات السابقة، فالخطاب هذه المرّة فيه جانب سياسيّ واجتماعيّ مُهمّ بجانب الأبعاد الماليّة والاقتصاديّة التي تضمنتها خطة الدولة الماليّة لسنة ٢٠٢٠.

ففي الخِطاب اعتراف صريح بان السياسات الاقتصاديّة التي اتبعت في السنوات الماضيّة لم تنعكس أبداً على المواطنين ولم تحقق الأهداف الخاصة بتحسين الأمن المعيشيّ للأردنيين الذين للأسف عانوا الكثير من تداعيات السياسات الانكماشيّة التي فرضت عليهم في السنوات الماضيّة وأثرت سلباً على مداخيلهم وقدرتهم الشرائيّة.

ومن هُنا كان الخطاب فيه استجابة صريحة هي الأولى منذ عام ٢٠١١ بزيادة الرواتب للعاملين في القطاع العام ومتقاعديهم.

خِطاب الموازنة هذه المرّة تضمّن استجابة للتطورات السياسيّة والاجتماعيّة التي تشهدها الساحة المحليّة من خلال ليس فقط زيادة الرواتب، وإنّما بالإصرار هذه المرّة على تجاوز العقبات التي كانت في السابق تقف في وجه المطالب الشعبيّة بإزالة التشوهات في العمليّة الاقتصاديّة والإداريّة في جهاز الدولة العام، من خلال الاستمرار في معالجة الاختلالات مِثلما هو الحال في وضع الهيئات المُستقلة التي باشرت الحكومة بإجراءات فعليّة بدمجها وإلغاء بعضها.

ولا ننسى موضوع النفقات الرأسماليّة سواء من الناحية الكميّة أو النوعيّة للمشاريع المدرجة تحت هذا البند، والجزء المخصص لمشاريع الشراكة واستباق ذلك بإرسال مشروع مُعدّل لقانون الشراكة من اجل الزيادة في عملية التنفيذ للمشاريع وإبراز دور اكبر للقطاع الخاص في تحمّل مسؤولية إدارة المشهد الاقتصاديّ والتنمويّ في البلاد.

حتى حزمة الأمان الاجتماعيّ ورغم كُلّ الظروف الماليّة الصعبة التي تشهدها الخزينة وتنامي عجز الموازنة فإن الحُكومة بخطابها اليوم فيه اعتراف ضمني بان الأبعاد الاجتماعيّة كانت غائبة عن سياسات التصحيح الهيكليّ التي اتبعت في السنوات الماضيّة، وهي تدرك ذلك جيداً، وترجمت هذا الانطباع بزيادة مخصصات حزمة الأمان في موازنة ٢٠٢٠ لأكثر من ١٢٠ مليون دينار.

صحيح هناك نُمُوّ في العجز والمديونيّة، وهو امر مقلقل اقتصاديّاً على كُلّ الأصعدة، لكن في النهاية لا يمكن الاستمرار بذات النهج الاقتصاديّ الانكماشيّ الذي للأسف لم يحق النتائج الماليّة الأساسيّة التي استهدفت في برامج التصحيح، ولا حتى استجابت لمطالب المواطنين بحماية أمنهم المعيشيّ، فلن يتحقق أي من الهدفين في الفترات الماضيّة.

الحُكومة مُطالبة من خلال هذه الموازنة بوضع استراتيجيّة وطنيّة لإدارة ملف الدين بشكل متكامل يُعيد التوازن الماليّ للاقتصاد الوطنيّ، وهذه الاستراتيجية يجب أن تكون ضمن قانون يقرّه مجلس النوّاب حتى يكون شريكاً استراتيجيّاً في العملية الاقتصاديّة في الدولة، ويتحمّل مسؤولية الوضع، وأن لا يترك إدارة المشهد فقط للحُكومات، بمعنى أن المطلوب خطة وطنيّة عابرة للحُكومات ومجالس النوّاب معاً.

رغم كُلّ التحدّيات الحقيقيّة في قانون الموازنة للعام المُقبل، فأن بداية الإصلاح الماليّ في الدولة يبدأ بالتزام الحُكومة والنوّاب بتنفيذ بنوده وعدم تجاوزه بالإنفاق الزائد بالشكل الذي كان يتم عليه سابقا، فالوضع لا يحتمل الآن أيّة تجاوزات ماليّة لأننا بصراحة نسير على خفة النفق المظلم إذا لا سمح الله تجاوزنا خطة الدولة الماليّة ولم نتعلم الدروس والعبر من موازنات السنوات الماضيّة.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك