المزيد
هل تتلقى المصفاة دعّماً حكوميّاً؟

التاريخ : 13-04-2019 |  الوقت : 11:24:20

وكالة كل العرب الاخبارية

أثار عدد من النُشطاء السياسيين مجموعة من التساؤلات في لقاءٍ مُغلق مع رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز نهاية الأسبوع الماضي حول استمراريّة الحُكومة في دعمِ مصفاة البترول الأردنيّة حتى هذا الوقت وعدم فتحها السوق لِاستيراد المُشتقات النفطيّة.

الرزاز لم يُعلَّق على تساؤلاتهم بخصوص المصفاة لانخراطه في الإجابة على تساؤلات أخرى.

الحقيقة التي لا يعلمها الكثير أن شركة مصفاة البترول الأردنيّة لا تتلقى أيّ شكل من أشكال الدَّعم الماليّ أو حتى المعنويّ من الحكومة، على العكس تماما، المصفاة هي من تدَّعم الخزينة بالأموال من جهة، وتدَّعم الاقتصاد الكُلّي من جهةٍ أخرى بأشكال دَّعم مُختلفة ومتنوعة.

فمن هي الشركة في المملكة القادرة على توفير كافة احتياجات الأردن من مُختلفِ المُشتقات النفطيّة في شتى الظروف والتحدّيات وفي كُلّ الأوقات، فخلال العقود الستة الماضيّة لمّ يسبق أن تخلَّفَت المصفاة عن تأمين احتياجات المملكة من المشتقات دون أن يشعر للمواطن بحجم التحدّيات، ودون أن يشعر أيّ قطاع اقتصاديّ بأيّ شكل من أشكال النقص، فالأمن الاستراتيجيّ من الطاقة كان على كاهل المصفاة التي هي شركة مُساهمة عامة وليست شركة حكوميّة كما يتصورها البعض.

ويتساءل البعض أيضاً، من هي الشركة التي تورَّد للحكومة من أجهزتها ومؤسساتها المُختلفة بكافة احتياجاتها من المُشتقات النفطيّة، وتتَحمَّل مَديونيّة الحكومة التي في العادة لا تدفع ثمن ما تأخذه منها إلا بالتقسيط الممل جداً، لدرجة أن ديون الحُكومة للمصفاة تتجاوز النصف مليار دولار على أقل تقدير، وهي مُستحقات ماليّة مُتراكمة مُنذ سنين وما زالت تدفعها الخزينة بالتقسيط للمصفاة، فأيّ شركة تستطيع أن تتحمل ما تحمّلته المصفاة.

المصفاة التي تتجاوز مبيعاتها الربع مليار دينار في العام الواحد وتحقق إيرادات كبيرة مازالت الخزينة تستحوذ على جزءا كبيراً من إيراداتها الماليّة التي تصل إلى أكثر من ١٣٠ مليون دينار تورّدها المصفاة للحكومة سنويّاً تحت مُسميات مُختلفة، في حين لا تستطيع الشركة توزيع أرباح اكثر من ٢٠ بالمئة على مُساهميها بحكم تفاهماتها مع الحُكومة.

جميع مُشتقات شركة مصفاة البترول الأردنيّة تتمتع بأعلى درجات الجودة، وذات مواصفات ومقاييس عاليّة جداً باستثناء مُنتجها من “الديزل “الذي يحتوي على نسبة كبريت عاليّة، مما يتطلب إجراء مَشروع التوسعة الرابع الذي تُقدر كلفته الإجماليّة بين ١.٣-١.٦ مليار دولار، حتى تتمكّن الشركة من تحقيق كافة مُتطلبات الشروط القياسيّة لِمُواصفات إنتاجها من الديزل من جهة، وتنويع إنتاجيتها من مُنتجات جديدة للمشتقات النفطيّة، وهذا الأمر يتطلب توفير سيولة كبيرة لدى الشركة وهو الأمر الذي يتطلب من الحكومة سداد ما عليها من التزامات تجاه الشركة من أموال  تُمكّنها من تعزيز وضعها الماليّ حتى تستطيع توفير باقي التمويل من مؤسسات تمويل بفوائد مُنخفضة، والكرة في ملعب الحكومة في هذا المجال ولا يوجد أيّة مسؤولية على الشركة.

بالنسبة لتحرير السوق المشتقات النفطيّة، فكما هو معروف لدى الجميع اليوم لا يوجد حصريّة لجهة ما باستيراد المشتقات كما يعتقد البعض، فاعتبارا من عام ٢٠١٦ بدأت شركات التسويق للمشتقات النفطيّة بالاستيراد من الخارج دون وساطة مصفاة البترول، التي حافظت على التزامها بتزويد المملكة بكافة احتياجاتها، من المشتقات دون انقطاع وتحت كُلّ الظروف.

هذا القرار هو استكمال لتداعيات الرخص التي كانت حصلت عليها تلك الشركات في وقت سابق، والشركات هي: المناصير وتوتال والشركة التسويقيّة التي تمتلكها المصفاة، حيث كانت الحكومة قد قسّمت سوق المشتقات النفطيّة بالتساوي وبنسبة الثلث بين شركات التسويق الثلاث، التي أعطتها وزارة الطاقة والثروة المعدنية رخصاً لتسويق المحروقات في المملكة؛ إذ حصلت كُلّ من الشركات الثلاث على ما نسبته 33.3 بالمئة من حجم سوق المحروقات الكُلّي في المملكة.

أهمية المصفاة ليست محصورة بدورها الاستراتيجيّ في الطاقة، لكن يَكّمن في الحقيقة في حجمها الكبير الذي يُشغّل أكثر من ألفي موظف لديها جميهم أردنيون، ناهيك عن توظيف أكثر من ستة آلاف شخص بطرق غير مُباشرة نتيجة الأعمال المُساندة لعمليّة الإنتاج في المصفاة من نقل وتعبئة وتحميل وغيرها من القطاعات التي تعتاش على وجود المصفاة تحديداً.

ولا أحد يُنكر قدرة المصفاة في ترجمة اتفاقيات الحكومة وتسهيلها من حيث التنفيذ على أرض الواقع كما هو الحال في النفط العراقيّ الذي لا تستطيع الحُكومة أو أي جهة كانت أن تتعامل معه سوى المصفاة التي باستطاعتها التعامل معه وتحويله لِمشتقات متنوعة صالحة للاستهلاك، ولا ننسى أن مشروع أنبوب النفط العراقيّ جُزء أساسيّ منه ممتد إلى المصفاة في الزرقاء، مما يعطي بعدا استراتيجيّا كبيراً لهذه المُنشأة الوطنيّة بامتياز.

يَتضح مما سبق حقيقة من يدّعم من؟، الحكومة تدّعم المصفاة، ام المصفاة هي من تدّعم الخزينة؟



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك