المزيد
مجلس وطنيّ للمهن

التاريخ : 11-04-2019 |  الوقت : 02:47:18

وكالة كل العرب الاخبارية

باستطاعة أي شخص في الأردن أن يتحول إلى عامل مهنيّ مُتخصص في أي قطاع يرغب به، فمجرد السير في شوارع عمّان تجد المُتخصصين في صيانة السيارات الألمانيّة أو اليابانيّة، أو نجار في جميع أنواع الموبيليا أو السمكريّ، أو بليط، أو دهين أو بَنَّاء وغيرها من المهن الحرفيّة للتي لا غِنى للمجتمع عنها لأهميتها الكُبرى في الحياة اليوميّة في المجتمع.

الانضمام إلى قائمة هذه الحرف المهنيّة في الأردن وغيرها من الدول العربيّة لا يحتاج سوى الانضمام إلى احدى الورش المهنيّة “كصبي مهنة ” ليتخرج بعد مدة قليلة “معلِّم”، باستطاعته أن يُمارس المُهِمة لوحده ويفتح ورشة خاصة به، ويضع اللافتة الإعلانيّة التي يراها هو مناسبة.

قليلة هي المِهن الحرفيّة التي يعمل بها الأردنيين بعد أن يكون قد اجتازوا أُسس الفحص والاختبار بعد الدراسة والتدريب المهنيّ والنظريّ معا مثل تزيين الشعر وفني الأسنان والخياطة وغيرها من الأعمال التي تمتلك معاهد وجمعيات للتدريب وتخريج مُنتسبيها، في حين أن الباقي يدخل سوق العمل مباشرة، “من الورشة للورشة”.

لا يوجد ما ينظم عمل هذه المهن وآلية الانتساب إليها، والمُستهلك هو الضحيّة لحالة الانفلات في مشهد المهن الحرفيّة، فالأمر بحاجة إلى ما يُشبه المجلس الوطنيّ للحِرف، يضع أسس واضحة لآلية انتساب أعضائها ويعطيهم حقوقهم الأصيلة في العمل من ضمان اجتماعيّ وتأمين صحيّ وغيرها من الحقوق المفقودة اليوم.

الأمر مَسألة ضروريّة في تنظيم المهن، فاللافت للانتباه هو الشكوى المُستمرة من المستهلكين بأن تلك المحلات لمّ تصلح العطب الذي حصل بالمركبة على سبيل المثال على الرغم من انه يدعي الاختصاص والحرفيّة في مهنته وحصوله على أجر لا يقل عن أسعار الوكالة نفسها، أو أن عامل البناء المُحترف لم يقم بتبليط البيت بالشكل الصحيح أو أن “المواسرجي” أو النجار أو الدهين لم يصلحوا أو لم يحسنوا عملهم, وبالتالي يقع المُستهلك فريسة إغراء أصحاب تلك المهن التي يدعون فيها انهم مهرة وأصحاب اختصاص, والحقيقة أن الأمر لا يعدو كونهم هواة فتحوا محلات وكتبوا على يافطاتهم ما أرادوا من عبارات رنانة مُستغلين عدم وجود من يراقب أو يفحص كفاءاتهم أو خبراتهم – مثل ما هو حاصل في مهنة الحلاقة أو المطاعم أو غيرها من الأعمال التي تتطلب، أولا: التسجيل في جمعيات أو نقابات مختصة تمنح شهادات حق ممارسة المهنة – وبالتالي إن تسببت في إحداث ضرر للمستهلك فلا يجد الأخير مكانا للشكوى والحصول على التعويض المناسب.

عند الميكانيكيين والكهربائيين وأصحاب حرف البِناء لا تجد أولا ما يثبت أن ذلك العامل أو الفنيّ مُختص بمهنته سوى اليافطة المزركشة التي تشير إنه أبو العريف في تلك المهنة، ثانيا لا تجد من أجهزة الدولة وخاصة في وزارتي الصناعة والعمل وبعض مؤسساتها من يراقب تلك المحلات، ونستغرب كيف سمح لهؤلاء بفتح تلك المحلات من دون الحصول على مؤهلات تسمح لهم بمزاولة مهن تمس حياة المواطنين اليومية، ثالثا يبقى المواطن ضحية جهله بالمحلات وأصحاب الخبرة الحقيقيّة في تلك المهن من جهة، وخداع أصحاب تلك المحلات والأعمال الذين يمارسون ابتزازا عليه لا يجد من يحميه أو يقف بجانبه، وهنا يثار سؤال جديد حول دور جمعيات حماية المستهلك في توعية المواطنين وحمايتهم من الغش والخداع والضغط على الجهات المعنية لتنظيم تلك الأعمال الحرفيّة من حيث إيجاد معاهد تدريب اختصاص تمنح شهادات مزاولة المهنة بشكل علميّ ومدروس لا يقل اهمية عن طبيب الأسنان أو المهندس المعماريّ. 

في الدول المُتحضرة عندما يمارس احد الأشخاص أعمالا مهنيّة من دون اختصاص يجري إعداد قائمة سوداء تتضمن أسماء المحلات التي ألحقت أضراراً بالمستهلك بسبب التلاعب والغش، وبالتالي يكون المواطن مُطلعّا وعلى دراية بالمهنيين الجيدين أو غير ذلك.

الأغرب من الغش المُستفحل في تلك المحلات والأعمال المهنيّة أن أصحابها يتقاضون أجوراً عالية من دون أن يدفعوا ضرائب للدولة، فعلى سبيل المثال اغلب ميكانيكيي وكهربائيي السيارات لا يعطون المواطن فواتير بقيمة أجور التصليح، وأن اعطوها تكون غير رسميّة، عبارة عن ورقة تتضمن اسم القطعة المُصلّحة أو المستبدلة وسعرها فقط من دون أن يكون عليها ختم المحل، لا بل أن بعضهم يضع بندا بخط يده يستوفي خلاله ضريبة مبيعات مثل ما يحدث عندما تذهب لشراء قطعة لسيارتك من محلات قطع السيارات المعروفة. 

للأسف هناك تجاوزات في تلك الأعمال لا يمكن السكوت عليها من الجهات المعنيّة في أجهزة الدولة، والأمر يتطلب حماية المستهلك وتفعيل قوانين حمايته وإيجاد مؤسسات رقابيّة تُنمّي مسألة الحرفيّة والمهنيّة عند أصحاب تلك المحلات وتكون بمثابة مرجعيّة لِكُلّ من يرغب مزاولة مهنة معينة، إضافة إلى تفعيل عمليات التحصيل الضريبيّ الغائبة عن الشريحة الأوسع من تلك الأعمال.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك