المزيد
ما بعدَ لندن

التاريخ : 02-04-2019 |  الوقت : 12:57:57

وكالة كل العرب الاخبارية - بقلم سلامة الدرعاوي - قُرابة الشهر مَرَّت على مؤتمر مُبادرة لندن الذي خُصِصَ لِدعم الاقتصاد الأردنيّ في مواجهة التحدّيات الإقليميّة، وكانت الحصيلة ما يُقارب ١.١٢٧ مليار دولار كقروض ومليار دولار مِنح لِدعم الخزينة والمشاريع للسنوات الخمس المُقبلة، غالبية المِنح كانت من بريطانيا الدولة المُستضيفة، بدعم تجاوز ٨٢٤ مليون دولار.

كما قُلنا في السابق، مؤتمر لندن هو رسالةٌ سياسيّة أكثر منها اقتصاديّة، فالدعم الدوليّ موجود، والمانحون والمؤسسات الدوليّة على حدٍ سواء مُستمرين في دعم الاقتصاد الأردنيّ، ومعترفون هذه المرّة بان المملكة دفعت ثمناً باهظاً لِتداعيات الأزمة الإقليميّة في المنطقةِ والتي رتبت على الأردن اِستضافة أكثر من ١.٣ مليون لاجئ سوريّ، ناهيك عن تأثيرات الأزمة على الاقتصاد من حيث التبعات الماليّة للأزمة اللاجئين وتفاقم العجز والمديونيّة والضغط الهائل على الخدمات والبنيّة التحتيّة ومخصصات الدعم، إضافة إلى تأثيرها المُباشر على تراجع الاستثمارات ومُساهمتها في رفعِ درجة المخاطر للاقتصاد الأردنيّ، كُلّها هذه الأزمات باتت مَعروفة لدى المجتمع الدوليّ، لذلك كان مؤتمر لندن اعترافاً بها من جهة ودعما للأردن من جهة أخرى.

بعد لندن يَفترضُ من الجهات الحكوميّة المعنية مواصلة توظيف حالة الدعم السياسيّ الدوليّ للأردن لإيجابيّات اقتصاديّة تنعكس على الموازنة العامة للدولة من عدة نواحي:

أولا: مُتابعة حثيثة للتعهدّات الماليّة من المانحين وتبويبها ضمن اتفاقات تعاون ثنائيّة من جهة، وتحصيلها في وقتٍ مُبكر قبل منتصف العام الجاري من جهة أخرى، وذلك للضغوطات الماليّة التي تتعرض لها الخزينة والاستحقاقات المُقبلة خاصة في مسألة الديون والبدء بدفع سندات اليورو بنود، وأولها سيكون بقيمة مليار دولار في حزيران القادم.

ثانيا: إعادة تبويب المشاريع الرأسماليّة في قانون الموازنة العامة، وتوجيه المُساعدات والمنح نحو دعم مشاريع إنتاجيّة حقيقيّة قدر الإمكان، وهذا لا يكون إلا من خلال إيجاد المشاريع الرأسماليّة الحقيقيّة التي لها مردود إيجابيّ على الاقتصاد ولها قدرة في رفع مُعدّلات النُمُوّ الاقتصاديّ، وتمتلك قيمة مُضافة عالية على الاقتصاد الوطنيّ من حيث التشغيل والتوظيف واستخدام مُدخلات انتاج محليّة وتساهم في زيادة الصادرات واستخدام المعرفة التكنولوجيّة ودعم احتياطات المملكة من العملات الصعبة.

ثالثا: إطلاق حُزمة مشاريع كبرى تحت مظلة قانون الشراكة والتي من شأنها أن تكون داعمة حقيقيّة للاقتصاد والنُمُوّ في آن واحد، وهذا يتطلب أولا وأخيرا إعداد دراسات الجدوى الاقتصاديّة الحقيقيّة المُتكاملة للمشاريع، لأنه بدون تلك الدراسات ستبقى حبراً على ورق، ولن تُطلق على ارض الواقع أبداً.

رابعا: الاتصال المُستمر مع الجهات الاستثماريّة العربيّة والأجنبيّة خاصة تلك التي شاركت بِفاعليّة في فعاليات مؤتمر مبادرة لندن، والاتصال يجب أن يكون عملية مؤسسيّة من خلال هيئة الاستثمار صاحبة المرجعيّة الدستوريّة في مُتابعة الأمور الاستثماريّة، والمتابعة تكون قطاعيّة حسب القطاعات الاستثماريّة المُتوفرة لدى المملكة، ويسبق هذا كُلّه الإعداد المُسبق بخارطة استثماريّة توضّح الميزة التنافسيّة للاقتصاد الأردنيّ والآفاق التي يحظى بها وتحتاج إلى زخم استثماريّ.

خامسا: استغلال المشهد الراهن بالدعم الدوليّ للأردن في إنجاز اتفاقٍ جديد مع صندوق النقد الدوليّ الذي ينتهي العمل بالاتفاق الراهن في شهر حزيران القادم، والذي يحتاج اليوم إلى مُفاوضات غير تقليديّة عكس المفاوضات السابقة التي كانت تُركّز على الأبعاد الماليّة فقط دون البُعد التنمويّ، فهُناك اعتراف من المانحين بإن الاقتصاد اليوم بأمس الحاجة إلى آليات جديدة لدعم وتعزيز النُمُوّ الاقتصاديّ من أجل إيجاد فُرص عمل جديدة ومواجهة مُشكلتي الفقر والبطالة.

الأردن بأمس الحاجة إلى مُواصلة توظيف الدعم الدوليّ والبِناء على ما تم إنجازه، ويجب أن لا ننسى أيضا أن بداية الشهر المُقبل سيشهد الأردن استضافة جديدة لِمُنتدى الاقتصاد العالميّ في البحر الميت بحضور عددٍ كبير من قادة العالم ومُمثلي كُبريات الشركات العالميّة ونخبة رجال الأعمال والمستثمرين الدوليين، كُلّها تظاهرات سياسيّة تضع الأردن في قلبِ الحدث العالميّ.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك