المزيد
اقتصاد أَسِير لِجِوارٍ مُلتهِب

التاريخ : 25-02-2019 |  الوقت : 11:17:36

وكالة كل العرب الاخبارية - بقلم سلامة الدرعاوي - الأردن دولة سريعة التأثر بالجِوار سواء أكان شيئا إيجابيّا أم سلبيّا، لكن المؤسف هو أن غالبية الأحداث الجِسام في الجِوار قضايا مُلتهِبة تتنوع من حروب إلى حصار إلى عدم استقرار، فَحتميّة الموقع الجغرافيّ للأردن جَعَلته أَسِيرا لهذه المُتغيرات الإقليميّة.

فالأزمة السوريّة خسّرت الاقتصاد الوطنيّ ما يقارب 125 مليون دينار سنويّا، كانت على شكلِ بضائع أردنيّة تُصدّر إلى سوريا، وحرمت ميناء العقبة من أن يكون في طليعة الموانئ في المنطقة نتيجة عدم الاستقرار في المنطقة، وتحوّل حركة التصدير إلى ميناء حيفا الذي بات الصلة الأكثر فاعليّة للبضائع في المنطقة خاصة بين تركيا ومصر والأردن.

وها هو العراق لأكثر من ١٥ عاما وهو يعاني من عدم الاستقرار والذي أثر على حركة المُبادلات معه بشكل سلبيّ، فاقم من الأزمة الاقتصاديّة للمملكة، فانغلقت الحدود، وتعطلت حركة الشاحنات، وتراجعت الصادرات الوطنيّة إلى هُناك والتي تتجاوز سنويّا حوالي المليار دينار، وتجمدت أيّة مشاريع حيويّة مُستقبليّة بين البلدين مثل أنبوب النفط المشترك، وهو الآن ينظر بتفاؤل عاليّ لإعادة إحياء هذه العلاقات بين البلدين على اكمل وجه خاصة بعد توقيع اتفاقيات التعاون الأخيرة بينهما.

لم يعد الأردن قادرا على الإفلات من تداعيات ما يحدث بالجِوار، على العكس تماما يجد نفسه مُنخرطا في الأزمات، ومجبرا على التعاطي معها لعدة أسباب أهمها: أن تداعيات أزمات الجِوار تنتقل للأردن قسرا كما هو حاصل في تدفق مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين بعد سنة 2003، وما يزيد على المليون لاجئا سوريّا نتيجة تدهور الأوضاع في الشام.

والأردن مُجبر على التعاطيّ مع الأزمات لكي يحمي كيانه من أيّة اِختراقات له من قبل مُتطرفين أو إرهابيين يتربصون بالبلاد، ويحاولون زعزعة استقراره.

والأردن مُضطر لعدم التغاضي عما يحدث في الجِوار لاعتبارات إنسانية بَحتة، فالتزاماته الدوليّة، ومواقفه القوميّة، وتاريخه العربيّ المُتصل بقضايا أمته تفرض ذلك، فمن غير المعقول أن يغلق أبوابه تجاه أشقائه في الأزمات.

والأردن حريص على حماية جبهته الداخليّة من أيّة اختراقات قد تُساهم في إثارة الفوضى، وزعزعة امنه واستقراره، والكُلّ يعلّم جيدا أن الأشهر الأخيرة كانت مَحفوفة بالمخاطر من هذا النوع خاصة في المناطق الشماليّة.

لا يمكن للأردن أن يبقى مُنعزلا عما يدوره في جواره، فهذا خارج عن إرادته وقدرته، ولهذا فان التحدي الأكبر أمام الحُكومة ومجلس النوّاب في ترتيب الجبهة الداخليّة، وتحصينها من أيّة تَدخلات خارجيّة، وحمايته من القوى الظلاميّة الفوضويّة التي عادة ما تلجأ إلى توظيف إفرازات عدم الاستقرار السياسيّ في المنطقة لإثارة القلاقل في الداخل، وتأجيج الشّارع بشكل يُساهم بزعزعة الثقة بمؤسسات الدولة الرسميّة.

لذلك لا يمكن للأردن أن يبقى وحيدا في مواجهة أحداث الجوار، والمجتمع الدوليّ مُطالب بمساعدة المملكة على تدارك هذه التداعيات التي استنزفت الكثير من موارده المحدودة، وخلقت الكثير من الأعباء على الاقتصاد المُثقل بالدين والعجز معا.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك