المزيد
مَهَمّة صَعبة

التاريخ : 10-01-2019 |  الوقت : 01:20:09

وكالة كل العرب الاخبارية - بقلم سلامة الدرعاوي - ليس من السَهل التَوَقَّع بِنتائج مُباحثات الحُكومة مع صندوق النقد الدوليّ والتي تجريّ الآن في واشنطن بِحضور ومُشاركة من رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز وطاقم من المسؤولين الاقتصاديين.

المَهَمّة صَعبة جداً في هذهِ المَرحَلة تحديداً، لأن المَطلوب من قِبَل الحُكومة هو إيجاد تَفاهُمات مُشتركة مع مسؤوليّ الصَندوق بتحديدِ أولوياتِ عَمَل برنامج التصحيح الماليّ المُبرم بين الجانبين والذي ينتهي العمل به في شهر حزيران المُقبل، ليُنهي بذلك ثلاث سنوات من العمل به، شَهِدَ الأردن خلالها احتجاجات ومظاهرات كان بَعضُها مُقلق للغاية.

بعد العمل ببرنامج التصحيح الأخير ثَبَتَ أن الأردن اليوم ليسَ بحاجة إلى برامج للتصحيح الماليّ بِقدر ما هو بِحاجة إلى برامج تَهدف إلى رَفعِ مُعدلات النمو التي مازالت مُنذ عام ٢٠٠٩ وهي تَسير باتجاه مُتباطئ لا يتجاوز في أحسن مُعدلاته ٢.٣ بالمئة، مما يُفسر أسباب ارتفاع مُعدّلات البطالة وانتشار جيوب الفقر في مُختلف مُحافظات المملكة.

نعم الحُكومة الآن تُريد أن تُغيّر تَوجّهات الصَندوق من خلال إثبات عدة مُعطيات مُهمّة أولها: أن الحُكومات المُختلفة قامت بتنفيذ كاملِ بُنودِ اتفاق التصحيح الماليّ ومع ذلك فأن فارق ما تحقق على أرض الواقع والِمقدر كان كبيراً، والنمو الاقتصاديّ على حالته دون تطور إيجابيّ.

الحُكومة ترى أنها أنجزت المَهام الصَعبة في اتفاقها مع الصَندوق خاصة فيما يتعلق بالتشريعات، وعلى وجه الخصوص قانون الضَريبة الذي أثار جدلاً واسعاً في الشّارع وسخطاً كَبيراً، ومع ذلك لا يَتَوقّع أن يَرتفع النمو الاقتصاديّ أكثر من ٢.٣ بالمئة.

قد يُمثل حضور الرئيس الرزاز في مُحادثات الصَندوق مُحاولة حادة من الحكومة لتغيير نهج التفاوض التقليديّ مع الصَندوق، وَفَتحِ مَلفات عديدة منها: التحدّيات الخارجيّة التي تَعصف بأيّة جهود إصلاحيّة أو ترويجيّة للاقتصاد الوطنيّ.

طبعا الحُكومة سَتُطلع الصَندوق على ما حققته من إنجازات ماليّة رغم الظروف الصَعبة والمتمثلة أساسا في تخفيضِ النفقات العامة والعجز والدين بنسبة واحد بالمئة تقريبا لتصبح نسبة الدين إلى الناتج المحليّ الإجماليّ بحدود ٩٤.٣ بالمئة من الناتج المحليّ الإجماليّ، وهي أقل من النسبة التي كانت عليها قبل عامين، وقت تنفيذ البرنامج.

ما سَتُقدمه الحُكومة للصَندوق سيكون مشفوعا لها ببعض العوامل الخارجيّة التي سَتُعزز الاستقرار الماليّ أن استمرت على حالتها الراهنة مثل تراجع أسعار النفط العالميّة، حيث أن بقائها عند ٥٢ دولارا للبرميل يعني أن حساب الميزان التجاريّ سينخفض إلى ما يُقارب ٨٥٠ مليون دينار على أقل تقدير، واستمرار نمو الصادرات الوطنيّة للسوق العراقيّة سيُعزز احتياطات المملكة من العملات الصعبة، حيث تُشير آخر إحصائيّة تجاريّة إلى أن الصادرات الاردنيّة للعراق بلغت ٦٥٠ مليون دولار لغاية شهر تشرين اول الماضي، ومن المُرجّح ان يرتفع هذا الرقم مع حالةِ التقارب السياسيّ بين البلدين في الآونة الأخيرة.

ولا ننسى التفاؤل بالسوق السوريّة وأن كان الجانب السياسيّ مازالَ يُحيط بها من كُلّ جانب، إلا أن هُناك الكثير من المؤشرات التي تُدلّل على اقتراب انفراج سياسيّ بين الجانبين سيكون لها انعكاس واضح على المُبادلات التجاريّة بين البلدين.

إضافة إلى ذلك التَحسّن المَلموس في الإيرادات السياحيّة والتدفقات الماليّة لها، مَدعومة بعودة الاستقرار التدريجيّ في المنطقة التي عانت الأمرين في السنوات الماضيّة.

في النهاية، الحُكومة ترغب بتغيير نمط الحوار التقليديّ مع الصَندوق، للوصول إلى تَفاهُمات حول مستقبل العلاقة بينهما من خلال برنامج يُركّز على النمو الاقتصاديّ ويدعم جهود الأردن القَريبة في إعادة جَدولة ديونه وتحفيض أعبائها في المُستقبل القريب من خلال منحه شهادة تَخَرُّج أو حُسن سُلُوك كما يحلو للبعض تسميتها عند المانحين.



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك