المزيد
متلازمة القدس

التاريخ : 10-11-2018 |  الوقت : 01:40:58

أودي سيغال  9/11/2018


نتائج انتخابات منتصف الولاية في الولايات المتحدة ستؤثر على القدس. ليس فقط على القدس كتعبير مجازي على حكومة إسرائيل بل على مدينة القدس، وعلى إعادتها إلى خطاب سياسي متفجر ومشوق. ما يبدو كأمر لا يجري الحديث فيه بعد اليوم، يهدد بالعودة ومن خلال الإدارة الأكثر عطفا على إسرائيل اليمينية. هذا يحدث على النحو التالي: دونالد ترامب انتصر. وهو دوما ينتصر. 
فقد حافظ على مجلس الشيوخ ومنع "موجة زرقاء" صرفة كانت ستهز مكانته. ولكنه خسر الأغلبية في مجلس النواب. لو كان فاز هناك أيضا، لأصبح الأقوى الذي لا يشكك به أحد. ووفقا للمفهوم الإسرائيلي فإن رئيسا قويا يمكنه أن يركز على الشؤون الخارجية بسهولة، فيصطدم بإيران، ويضع قدما في سورية وسيكون اسهل عليه امتصاص انتقاد العالم على اذابة القضية الفلسطينية. وبالمقابل فإن رئيسا جريحا، يكافح ضد الاطاحة وضد التحقيق، كفيل بأن يكون هشا، أقل التزاما للمنطقة بل وحتى من شأنه ان يدفعه الديمقراطيون نحو خطوات تعطيه مكانة دولية وتثبت بانه لاعب سياسي. 
في مثل هذه الحالة، فإن إسرائيل وبنيامين نتنياهو كفيلان بأن يكونا مطالبين بدفع ثمن كي ينتج اتفاق، أو على الاقل مسيرة مع الفلسطينيين. فضلا عن ذلك فانه ابتداء من الأسبوع القادم سيركز ترامب على الانتخابات التالية للرئاسة والتي ستجرى بعد سنتين. سيقاتل ضد الجبهة الداخلية بكل القوة، مثلما كان يمكن ان نرى في الحادثة الشاذة والعنيفة مع مراسل السي.ان.ان في البيت الابيض. فهو سينحي، سيقيل، سيفعل كل شيء حتى لو كان عقيما كي يتملص من اجراء الاطاحة في مجلس النواب. 
سيرغب ترامب في أن يحقق قائمة وعوده للجمهور وللعالم. إلى جانب الحرب ضد المهاجرين، معالجة الاقتصاد وشؤون السلاح، التعليم والميزانية، سيرغب في أن يظهر بانه زعيم دولي مع انجازات. فقد فرض عقوبات على إيران وسيعمل اذا كان يستطيع على خلق مفاوضات بديلة على اتفاق محسن. احتمال ذلك محدود. 
لن ترغب إيران في الاستسلام لترامب. وهي ستفضل الدخول في نظام التقشف الاقتصادي والسياسي وانتظار سنتين لاحتمال أن يرحل. في حالة الضائقة من شأنها ان تبادر إلى خطوة عسكرية غير مباشرة مع إسرائيل في الشمال بواسطة حزب الله، ميليشياتها في سورية والحرس الثوري.
فضلا عن ذلك، يرى ترامب نفسه كمن أعطى إسرائيل ونتنياهو، وهو يحتاج الآن لان يتلقى شيئا بالمقابل. كانت لهذه عدة تلميحات: فقد تحدث عن ان نتنياهو مدين له، قال انه بعد أن حصلت إسرائيل على السفارة في القدس فإنها ستعطي شيئا جميلا للفلسطينيين أيضا بل وحتى تحدث عن عاصمة فلسطينية في القدس. فهل سيقسم ترامب القدس؟ مهما كان هذا غريبا، فإن ترامب لم يتراجع عن "صفقة القرن". فهو يعمل عليها ويريد أن يحققها واذا لم يحقق شيئا فانه سيبدو هشاشا ومخادعا سياسيا. 
يرى الرئيس الأميركي كل الخطوات الاخيرة نوعا من السلفة التي تلقتها إسرائيل من المنطقة: اللقاءات العلنية للرئيس المصري مع نتنياهو؛ الزيارة الاستثنائية والعلنية لرئيس الوزراء إلى سلطنة عُمان، دعوة وزير المواصلات يسرائيل كاتس إلى سلطنة عُمان لعرض مشروع "سكة السلام": خطته لربط إسرائيل بسكك قطارات إلى السعودية وإلى العالم العربي. هذه سلفة، وزمن الدفع يجب أن يأتي.
إلى جانب تبني موقف إسرائيل في انه لا حاجة لاخلاء المستوطنات من اجل السلام، من ناحية ترامب فإن تقسيم القدس أو عرض الجانب الشرقي منها كعاصمة الدولة الفلسطينية المستقبلية هو مفاجئ ومغري في نفس الوقت، وعمليا بيع في الوضع القائم. 
القدس موحدة زعما، ومقسمة في الواقع. كان يمكن ان نتابع مثلا الفعل المخيف لسلطات الدين الاسلامية في المدينة، التي رفضت دفن احد قتلى الحادثة المروعة على طريق الغور لادعاء انه تاجر بالاراضي مع اليهود. اي من المرشحين لرئاسة البلدية لم يتدخل. لم يكن هذا في منطقة اهتمامنا. 
هذا السؤال الذي يحوم فوق القدس مشوق وتقليدي. من جانب آخر، فإن كل تحليل لأعمال ترامب اشكالي. فلم يكن مصدر كبير واحد في القدس وافق على ان يقدر ما الذي سيفعله. يمكنه ان يفعل كل شيء. كل شيء. تسوية، خطة أو لا شيء. وهو غير ملزم بتفسير لاحد. وهو سيرتب الواقع كما يريد. محافل في اليسار تدعي بان كل خطوة القدس من جانب ترامب، والتي استفادت منها إسرائيل، هي على الاطلاق خطوة هدفها ارضاء الجمهور الافنجيليستي الذي انضم اليه رغم سلوكه عديم القيود في المجال الشخصي. وهم اللاجئون الأكبر للخطة السياسية. ترامب يبدأ حملة ومشكوك ان يرغب في تقسيم القدس وفقدان مصوتيه. في نهاية المطاف، مثلما قال كيسنجر، فإن كل سياسة الخارجية في القدس هي سياسة داخلية. وهو محق، وليس فقط بالنسبة لإسرائيل. 
القدس الذهبية والسياسة والصفقات. الجولة الثانية في الانتخابات لرئاسة بلدية القدس ترفع إلى الذروة العاصفة الحزبية، السياسية والبلدية التي تميز المدينة التي تحيط بها الجبال، ويتجول فيها الوزراء. فالانشقاق في معسكر الحريديم أدى إلى الخسارة المتوقعة ليوسي دايتش وإلى عودة زئيف الكين، السياسي الخبير والحاد، إلى وزارة حماية البيئة. الفرضية السياسية التلقائية كانت ان موشيه ليئون، معتمر القلنسوة المدعوم من آريه درعي وافيغدور ليبرمان سيجترف بسهولة اصوات الحريديم للمرشحين اللذين تساقطا وسينتصر بسهولة. هذا لم يحصل. عوفر بيركوفيتش، المرشح العلماني لحركة اليقظة، نجح في وضع علامة استفهام. رغم كل الصفقات، يتحدث الناس على تصويت احتجاج من جانب الحريديم في صالحه، عن القلنسوات المحبوكة الذين سيصوتون في صالحه، رغم ان البيت اليهودي اعلن عن تأييده لليئون. هذا الاسبوع سيتبين من سيقف على المدينة الموحدة التي يريد الجميع تقسيمها. تقسيمها لانفسهم واحيانا للآخرين.

وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك