البلديات.. ديون مرتفعة وبنية تحتية متردية
التاريخ : 01-10-2018 |
الوقت : 12:53:19
-
ما زالت أغلب بلديات المملكة الكبرى ترزح منذ عقود تحت وطأة تحديات ثقيلة تتشابه الى حد كبير وتتكرر في كل بلدية، ما أحال العديد منها إلى عاجزة عن التعامل مع مهامها الأصلية، وتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية، التي من المفترض ان تساهم في تطوير خدماتها والنهوض بواقعها المتردي.
ويعد ارتفاع حجم الديون والرواتب، وازدياد اعداد السكان بشكل كبير بسبب الهجرات القسرية من دول المنطقة، من ابرز التحديات التي تواجه موازنات البلديات، في المحافظات وتستأثر على حصة الاسد منها، وسط ضعف التحصيلات والمداخيل، وتراجع حركة العمران والتجارة.
ولعل ابرز تجليات العجز البلدي في المحافظات، يتبدى في تهالك الآليات وتراجع كبير في اوضاع النظافة لدى الكثير من البلديات، بالاضافة الى تردي اوضاع الطرق، وغياب الانارة عنها.
ورغم ان بعض البلديات تتميز بخصوصية سياحية، يفترض ان تجعلها متفردة بالخدمات لجلب الاستثمارات والسياح، الا ان هذه الخصوصة والميزات لم تشفع لها لانقاذها من التحديات التي تعيشها باقي البلديات.
فبلدية جرش التي تعد من أكبر المدينة السياحية في الأردن، والتي يفترض ان تحتاج إلى خدمات خاصة، تتناسب مع وضعها السياحي والحركة السياحية فيها سيما وانه يؤمها مئات آلاف السياح والزوار سنويا، إلا ان مديونية البلدية والتي تجاوزت الـ 3 ملايين ونصف المليون من اصل 13 مليون دينار، هي موازنة البلدية الإجمالية، دفعت الى تراجع مستوى النظافة بشكل ملحوظ، بما راكم أطنانا من النفايات في الوسط التجاري وأحيانا بين المواقع الاثرية.
ويشير رئيس البلدية الدكتور علي قوقزه إلى قلة عدد عمال الوطن، الذين تم تحويل معظمهم إلى إداريين في البلدية في وقت سابق.
واضاف ان معظم ديون البلدية هي بدل استملاكات أراضي مجمع القيروان الجديد وأراضي المدينة الصناعية، في حين تقدر مخصصات المشاريع الرأسمالية بأقل من 3 ملايين والباقي رواتب للموظفين واقتطاعات الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والخدمات اليومية التي تقدم للبلدية.
ولا تقف تداعيات مديونية البلدية عند هذا الحد كما يقول المواطن ياسر قوقزه، والذي يؤكد بأن مدينة جرش تعاني من عدة تشوهات تسببت في إحداث فوضى عارمة بداخلها وأهمها مشكلة البسطات، التي لم تنجح البلدية في إزالتها أو ترحيلها، بالاضافة الى مشكلة ازمة السير، وعدم تمكنهم من ربط المدينة الأثرية بالحضرية، وتنشيط حركة السياح داخل الوسط التجاري حتى الآن.
وأكد قوقزة أن مستوى النظافة يتراجع في البلدية بشكل ملحوظ، رغم أن البلدية قامت منذ بداية العام برفع رسوم النفايات بنسبة 100%.
وأكد رئيس البلدية، أن أهم التحديات التي تواجه البلدية هي امتدادها الضيق وعبء المدينة الأثرية منتصف الوسط التجاري، وهو ما يتطلب من البلديات جهودا أكبر في دعم الدور السياحي في جرش والعناية بالمدينة الأثرية والمهرجانات والفعاليات المختلفة التي تقام فيها، سيما وأن اهم القطاعات في بلدية جرش هو القطاع السياحي.
وكذلك مدينة مادبا التي تزخر بالمواقع الدينية الأثرية يعوزها الاهتمام بالنظافة، بحسب سكان، غير ان رئيس بلدية مادبا الكبرى المهندس احمد سلامة الازايدة، الذي يؤكد ان موازنة البلدية البالغة 10 ملايين دينار تخلو من الديون، يشير الى البلدية تعمل بجميع الإمكانات المتاحة من اجل ان تشمل حملات النظافة مناطقها الخمس.
ورغم أن الازايدة يؤكد ان مدينة مادبا تلاقي جل الاهتمام والرعاية من قبل المجلس البلدي وكوادر البلدية من مختلف الخدمات، وخصوصا بما يتعلق بالشأن البيئي والصحي، لكنه اقر بوجود نقص في كادر عمال الوطن.
بيد أن الازايدة أرجع هذا النقص الى سفر عمال وطن، وأغلبهم وافدون إلى أوطانهم بقصد الزيارة لقضاء إجازاتهم.
ويؤكد المواطن علاء محمد أن ثمة مشكلة في النظافة في المدينة، وخصوصا تراكم النفايات بالقرب من الحاويات، ما يؤدي إلى انبعاث روائح كريهة منها، وتجمع الحشرات والقوارض، مؤكدا ضرورة الاهتمام بالتلوث البيئي الذي يصيب أماكن المدينة التي يؤمها السياح.
وانتقد المواطن محمد حسن الشوابكة عملية حرق النفايات بالحاويات، ما يسبب العديد من المخاطر البيئية والمرضية للسكان.
أما عجلون فما تزال بلديتاها عجلون الكبرى وكفرنجة الجديدة ترزحان تحت وطأة العجز في موازنتيهما، وحجم الديون التي تفوق مداخيلهما وتحصيلاتهما، ما يجعلهما عاجزتين عن تنفيذ مشاريع خدمية وتنموية.
وهو ما يؤكده رئيس بلدية كفرنجة الجديدة نور بني نصر من أن البلدية تعاني وضعا ماديا صعبا، ما يجعل المجلس البلدي عاجزا عن تنفيذ أي مشاريع خدمية وتنموية، لافتا إلى واقع المسلخ المتهالك ورفع التوصيات به.
ولفت إلى أن وزارة البلديات لم تصادق حتى الآن على موازنة البلدية للعام الحالي، ما فاقم من المشكلة وجعل البلدية غير قادرة على تنفيذ أي مشاريع خدمية وتنموية جديدة.
كما يؤكده رئيس بلدية عجلون الكبرى المهندس حسن الزغول بأن بلديته تعاني من مديونية كبيرة وحجم استملاكات كبيرة، مؤكدا أنها تعمل بما تستطيع لإدامة الخدمات الأساسية وفتح وتعبيد بعض الطرق ذات الأولوية.
ويجمع السكان أن مشاكل البلديتين لا تحل ولا يمكن تطورهما وزيادة تأثيرهما الخدمي، والتنموي إلا بحل مشكلة الديون المتراكمة عليهما.
ويقول المواطن سمير الصمادي إن البلديتين تعانيان من ديون متراكمة منذ عقود، ما فاقم من تدني أدائهما في مجال الخدمات المتنوعة وتنفيذ المشاريع التنموية، لافتا إلى ضرورة أن يتزامن إنهاء مشكلة الديون مع إعادة تصويب أوضاعهما الإدارية، وإيجاد خطط وبرامج زمنية لتنفيذ مشاريع تنموية تضمن توفير مصادر الدخل للبلديات، مؤكدا أن سداد كامل الديون المتراكمة على بلديتي عجلون وكفرنجة وزيادة الرقابة عليهما مستقبلا، سيضمن تطورهما ويحسن من واقع الخدمات المقدمة للمواطنين.
ويقول محمود عنانزة إن مشكلة المديونية الكبيرة للبلديات لا يمكن بالاعتماد على مصادرها المالية أن تفي بها، خصوصا في ظل ضعف التحصيلات، مشددا على ضرورة زيادة الرقابة من قبل الأجهزة المعنية على موازنات البلديات وإنفاقاتها لضمان أن تكون موزعة بعدالة على مختلف المناطق والأحياء التابعة لها، داعيا إلى إنقاذها من قبل الحكومة بعدة حلول، كإعفائها من بعض الديون وفوائد القروض وجدولة مبالغ أخرى من الديون، وزيادة المنح المقدمة لها لإقامة مشاريع خدمية أساسية وأخرى تنموية.
اما بلديات محافظة الكرك العشرة، فتواجه هي الأخرى تحديات كبيرة، بسبب تردي اوضاعها المالية وارتفاع اعداد العاملين والموظفين في غالبية هذه البلديات.
ويؤكد رئيس بلدية الكرك ابراهيم الكركي ان البلدية التي تضم 16 منطقة وبلدة، تبلغ مديونيتها زهاء عشرة ملايين دينار، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه موازنتها 14 مليون دينار، وهو الامر الذي يرهق كاهل البلدية ويحد من قدرتها على العمل لخدمة المواطنين.
ولفت الى ان البلدية تعاني من عدم قدرتها على تنفيذ برامجها المختلفة، والتي تنوي القيام بها بسبب ضعف الامكانيات المالية وارتفاع عدد الموظفين العاملين فيها في مختلف مناطق البلدية، والبالغ عددهم حوالي 850 موظفا وعاملا يستهلكون نسبة كبيرة من موازنة البلدية.
وشدد الكركي على ان عمل البلديات والمجالس البلدية يواجه تحديات قوى الشد العكسي الموجودة بالمجتمع، والتي تعمل على تثبيط عمل العاملين بالبلدية وعدم التعاون مع قبلهم في مختلف المجالات.
ومثل بلدية الكرك فإن بلديات الكرك الاخرى وهي بلديات عي ومؤاب والاغوار الجنوبية وشيحان وعبدالله بن رواحة وطلال ومؤتة والمزار الجنوبي والقطرانة والابيض والسلطاني، تعاني من ضعف الايرادات المالية والدعم المقدم من الجهات الرسمية لتنفيذ خطط وبرامج هذه البلديات ومواجهة المديونية المرتفعة.
اما بلدية معان الكبرى فرغم أنها تتشابه في جملة التحديات والمعيقات التي تواجه المجالس البلدية الاخرى في المحافظات، الا انها تضيف نوعا آخر من التحدي، وهو نقص الخبرات الفنية وقلة الموارد المالية، والذي حد من دورها التنموي على المستويات كافة.
وهو ما يؤكده رئيس بلدية معان الكبرى الدكتور أكرم كريشان بقوله إن أهم المعيقات التي تواجه عمل البلدية، هي نقص الخبرات الفنية المؤهلة وقلة الموارد المالية، إضافة الى قدم الآليات، لافتا أن البعض من هذه الآليات متهالك مما يستنزف أمولا طائلة نتيجة تعطلها وكلفة صيانتها، ما يسبب العديد من الإشكالات في مجال النظافة وغيرها من الأمور والتي تعدها البلدية من أهم أولوياتها وواجباتها.
وأكد كريشان أن هناك مشكلة أخرى وهي عدم دفع المواطنين والتجار ما عليهم من مستحقات وضرائب مالية للبلدية تعود بالخدمات عليهم، والبالغة 2 مليون و650 ألف دينار، وهو ما يزيد من كاهل أعباء العمل البلدي، الأمر الذي حال دون توسع البلدیة في خدماتھا المقدمة للمواطنین، خاصة وان البلدية تعاني من مديونية مرتفعة منذ سنوات طويلة والبالغة 5 ملايين و823 ألف دينار، مبينا أن نصف موازنة البلدية والبالغة 5 ملايين دينار يذهب منها رواتب للموظفين ونفقات جارية وسداد ديون الى شركة الكهرباء البالغة مليونا و332 ألف دينار.
ويرى المواطن عبدالله كريشان أن الفوضى المرورية والاعتداءات على الأرصفة والشوارع العامة من قبل أصحاب البسطات والمحال التجارية أصبحت تشكل خطرا يهدد حياة المارة، وهي واحدة من أهم المعضلات التي تواجه معظم السكان كونها تعد تعديا واضحا على القانون، وعلى حق المواطن في السير الآمن على الرصيف، فضلا عن اعتداءاتهم من خلال بناء أكشاك حديدية على الأرصفة المخصصة للمشاة.
وقال المواطن علي الفناطسة غالبية القصابين وتجار الأغنام يلجأون إلى ذبح ماشيتهم عبر "مسالخ خاصة" غير مرخصة، تتخذ من البيوت المهجورة في الأحياء السكنية مكانا لها لذبح المواشي وبيعها للمواطنين، بعيدا عن أعين الرقابة البيطرية والصحية.
أما بلدية الزرقاء فتغرق في ديونها التي شلت من قدراتها على تقديم خدماتها للسكان، وهو ما يؤكده رئيس بلدية الزرقاء المهندس علي أبو السكر بان بلدية الزرقاء تعاني من عدة مشاكل، أبرزها الأزمة المالية الكبيرة، بسبب المديونية العالية وارتفاع نسبة رواتب الموظفين، وتهالك آليات النظافة، وارتفاع كلفة صيانتها وتعثر الاستثمارات وانتظار القرارات القضائية القطعية المرفوعة ضد المتعاقدين منذ سنوات، بالإضافة إلى الأحكام القضائية التي صدرت ضد البلدية من مقاولين كانوا قد نفذوا مشاريع على عهد مجالس سابقة بقيمة 3 ملايين دينار.
في حين يؤكد رئيس بلدية الرصيفة أسامة حيمور أن بلدية الرصيفة من البلديات، التي استطاعت تخفيض نسب الرواتب في موازنتها، بسبب ايقافها عمليات التعيين إلا في حالات الضرورة القصوى، والاستغناء عن العاملين غير المنتجين، من خلال التقاعد أو غيره، لافتا إلى أن موازنة البلدية للعام الحالي تبلغ زهاء 20 مليون دينار، يذهب منها حوالي 39 % رواتب موظفين في حين كانت تبلغ سابقا 56 % من إجمالي الموازنة، فيما يبلغ عدد العاملين لدى البلدية 1400 عامل منهم 515 عامل وطن.
ويؤكد العديد من المواطنين في محافظة الزرقاء ان مناطق في الزرقاء تعاني من انتشار وتجمع النفايات، و قيام بعض عمال الوطن في عملية حرقها داخل الحاويات المخصصة لها بسبب النقص الواضح في عدد آليات جمع النفايات، مطالبين الجهات المختصة في العمل بشكل جاد لإيجاد حل لمشكلة النظافة في العديد من أحياء مدينة الزرقاء.
وكالة كل العرب الاخبارية
تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق