المزيد
السفير السويدي بالأردن: حرية الصحافة أمر حاسم للديمقراطية والاستقرار

التاريخ : 03-05-2018 |  الوقت : 01:09:48

اليوم؛ هو اليوم العالمي لحرية الصحافة، وانه لمن المحزن أن نحتفل بهذا اليوم في عالم يستيقظ فيه العديد من الصحافيين وهم يقبعون بالسجون، وحيث يعاقب الاشخاص لاستخدام حقهم بالتعبير عن آرائهم. لقد شهدنا في السنوات الأخيرة ردة فعل عكسية في حرية التعبير في العديد من البلدان حول العالم، وخاصة في الشرق الأوسط، وحتى في الأردن. فالأردن بتاريخه المشرف كونه مثالا جيدا على حرية الصحافة يمكنه أن يفعل المزيد. وستواصل السويد دعم العمل لضمان حق كل شخص في الكلام والتفكير بحرية.
تشكل حرية التعبير واحدة من الحقوق الأساسية لكل إنسان. إن دافعنا للتعبير عن أنفسنا يشكل جزءاً كبيراً مما يعنيه أن تكون إنسانًا. لقد كان التبادل الحر للأفكار والآراء طوال قرون القوة المحركة للاكتشافات الجديدة والمعرفة، وجعل الحضارة الإنسانية تتقدم وتزدهر. إن آفاقنا تتوسع من خلال أشكال التعبير الثقافي مثل الفن والموسيقى والشعر.
اليوم وبمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، علينا أن نذكر أنفسنا بأن الإعلام الحر هو أقوى مراقب ضد الفساد وإساءة استخدام السلطة والظلم، إنه بمثابة لقاح ضد الظلم. وأنا كأوروبي أدرك تمامًا هذا الأمر، فلقد علّمنا تاريخنا بشكل جيد ما يمكن أن يحدث إذا لم نمنح مساحة للتعددية، وإذا كممنا وكالات الأنباء التي تقف ضد القوى المناهضة للديمقراطية.
في 2  كانون الأول (ديسمبر) 1766، اعتمد البرلمان السويدي أول قانون لحرية الصحافة في العالم. ألغى هذا القانون الرقابة على المطبوعات وأعطى الحق لكل مواطن بالوصول للوثائق العامة والمشاركة بالمناقشات السياسية. وهذا بدوره كان أمراً حاسما للتطور الديمقراطي القادم بالسويد. وعندما تم تشكيل الاتحاد الأوروبي بأعقاب الفظائع التي ارتكبت في الحرب العالمية الثانية، تم إدراج حريتي التعبير والإعلام كعناصر أساسية للمبادئ الديمقراطية للمشروع الأوروبي الجديد. لقد تعلمت أوروبا بالطريقة الصعبة أن الطريق الوعر للأمام هو طريق التعددية والانفتاح والتبادل الحر للأفكار والآراء.
لطالما كان الأردن مثالاً عربياً يحتذى به عندما يتعلق الأمر بحرية الصحافة. عندما قامت الدول المجاورة بإسكات الأصوات الناقدة، أدرك الأردن قيمة المجتمع الذي يستطيع فيه الناس التعبير عن أفكارهم وتبادلها في المجال العام. إن حرية التعبير وحرية الإعلام منصوص عليها في الدستور الأردني، وكان الأردن أول بلد في المنطقة يتبنى قانونًا بشأن الحق في الوصول إلى المعلومات.
لكننا شهدنا مؤخرًا بعض الاتجاهات المثيرة للقلق. حيث تم استهداف أفراد ومنظمات استخدموا حقهم الممنوح دستورياً بالنشر وبالتعبير عن آرائهم وتعزيز حرية وسائل الإعلام. وتم احتجاز أردنيين من الذين شاركوا وجهات نظرهم في وسائل التواصل الاجتماعية بدون وجه حق، على أساس قوانين غامضة لمحاربة الإرهاب والجرائم الالكترونية والتشهير. وتشمل المعوقات الأخرى أمام وسائل الإعلام النوعية وحرية الإنترنت في الأردن الرقابة الذاتية على نطاق واسع بين الصحفيين، والعقبات القانونية غير الضرورية للمنافذ الإعلامية عبر الإنترنت.
يقع الأردن في منطقة اهتزت بسبب الاضطرابات، وبالتالي قد يتساءل البعض: هل نستطيع حقاً أن نحصل على حرية تعبير غير مقيدة في أوقات النزاع والاضطرابات؟ ألا ينبغي أن يكون الاستقرار والأمن أولويتنا الأولى؟ في الواقع، السلام والاستقرار سيستفيدان من التفكير في هذه الأسئلة ملياً. والسؤال الصحيح الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هو: هل يمكننا حقاً أن نتنازل عن حرية التعبير وجميع المنافع طويلة الأجل التي تجلبها من حيث الابتكار والتنوع والازدهار؟
الاستقرار وحرية التعبير هما أبعد ما يكون عن مفهومين متعارضين. يخبرنا التاريخ أنهما تعززان بعضهما البعض. حرية الإعلام تنتج الأمن.
صعد الأردن مؤخراً ستة مراكز إلى 132 من أصل 180 في مؤشر حرية الصحافة الذي تصدره منظمة مراسلون بلا حدود (حيث حصلت السويد على المركز الثاني)، يمكن للأردن أن يقدم أفضل من ذلك. من المهم الآن أكثر من أي وقت مضى أن يظهر الأردن، بسجله الجيد في مجال حرية الإعلام، قيادة حقيقية من خلال الدفاع عن هذه الحقوق غير القابلة للانتهاك. وبالتالي، فإن تركيز خطة الأردن الوطنية لحقوق الإنسان للفترة 2016-2025 على حرية الرأي والتعبير كمجالات لمزيد من العمل يعتبر أمراً ايجابياً، ووفقاً للخطة الوطنية، يجب أن يحصل الصحفيون والعاملون في وسائل الإعلام على الحماية الكافية أثناء أداء عملهم، ويجب مراقبة انتهاكات حرية الرأي.
إن الدرس الذي تعلمناه في السويد على مدى أكثر من 250 سنة من حرية الصحافة هو ما يلي، عندما يكون للمواطنين الحق في التدقيق والتقييم بحرية لمؤسسات المجتمع، فإن ذلك يؤدي إلى ادارة أفضل. عندما يتم محاسبة القادة على أفعالهم أمام الجمهور، فإنهم يتخذون قرارات أكثر حكمة. وعندما يكون للمواطنين الحق في الوصول إلى المعلومات، يقل الفساد. عندما يسأل الصحفيون أسئلة صعبة، فإنهم لا يعرضون الأمن للخطر. في الحقيقة؛ الشفافية تضع الاساس لمجتمع أكثر استقرارًا، مجتمع يثق فيه المواطنون في سلطاتهم ويشعرون بأن أصواتهم مسموعة، مجتمع يشارك فيه المواطنون ويتحملون مسؤولية مستقبل بلادهم.وكالة كل العرب الاخبارية



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك