قالت حكومة إقليم كردستان العراق امس إنها تحترم قرار المحكمة الاتحادية العليا الذي يحظر انفصال الإقليم عن العراق فيما تبدأ مرحلة جديدة من الجهود لاستئناف مفاوضات معلقة بشأن مستقبل الإقليم.
وصوت أكراد العراق بأغلبية ساحقة لصالح الاستقلال في استفتاء أجري في أيلول(سبتمبر) في تحد للحكومة المركزية في بغداد، التي اعتبرت الاستفتاء غير قانوني، ولتركيا وإيران المجاورتين اللتين تقطنهما أقليات كردية.
وقالت حكومة إقليم كردستان العراق إنها ستحترم قرار المحكمة الاتحادية العليا الصادر يوم السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) والذي يعلن أنه لا يحق لأي جزء من العراق الانفصال.
وأضاف بيان الحكومة "نحترم تفسير المحكمة الاتحادية العليا للمادة الأولى من الدستور، وفي نفس الوقت نؤكد إيماننا بأن يكون ذلك أساساً للبدء بحوار وطني شامل لحل الخلافات عن طريق تطبيق جميع المواد الدستورية بأكملها بما يضمن حماية الحقوق والسلطات والاختصاصات الواردة في الدستور باعتبارها السبيل الوحيد لضمان وحدة العراق المشار إليه في المادة الأولى من الدستور".
ويمثل هذا التراجع أحدث محاولة يقوم بها الأكراد لإحياء المفاوضات مع الحكومة المركزية التي فرضت إجراءات عقابية بعد الاستفتاء على الاستقلال.
وشملت هذه الإجراءات شن القوات الحكومية وقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران لهجوم لاستعادة السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الحكومة المركزية والإقليم.
وأدى التقدم السريع للقوات العراقية وسيطرتها على مدينة كركوك والمناطق المتنازع عليها الأخرى إلى تبادل الحزبين الرئيسين في كردستان الاتهامات بـ "الخيانة".
وحث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في السابق الإقليم على الالتزام بقرار المحكمة.
والمحكمة هي المسؤولة عن تسوية النزاعات بين الحكومة المركزية والمناطق والمحافظات العراقية. وقراراتها لا يمكن الطعن عليها لكنها تفتقر لآلية لتنفيذ قرارها على إقليم كردستان.
وابدى رئيس الوزراء العراقي امتعاضه من مماطلة اقليم كردستان بعد حسم عودة قوات البشمركة الى حدود عام 2003 وتسليم المنافذ الحدودية.
وهدد العبادي، في مؤتمره الصحفي الاسبوعي، امس الثلاثاء ، باتخاذ "اجراءات في حال لم يسلم الاقليم المنافذ الحدودية والعودة الى حدود عام 2003"، مشيرا الى ان الاجراءات باستعادة المنافذ والمناطق التي استولى عليها الاقليم بعد عام 2003 ستكون "بدون تصعيد وكما حصل في اعادة مدينة كركوك".
وقال العبادي "كما استعدنا السيطرة على المناطق المتنازع عليها بدون تصعيد سنستعيد المنافذ الحدودية"، مشددا اننا "لن نبقى ننتظر إلى ما لا نهاية وسنتخذ إجراء حول المنافذ بعد تراجع الإقليم عن مسودة الاتفاق الأخير". ، مستدركا بالقول "لا أقول ان صبرنا ينفد تجاه اقليم كردستان بتسليم المنافذ الحدودية ولكن سنتخذ اجراءات لفرض السيطرة".
ودعا رئيس الوزراء العراقي رئيس حكومة الاقليم نيجيرفان البرزاني الى الاسراع بحسم تسليم المنافذ الحدودية وسحب القوات الى حدود عام 2003.
وأضاف العبادي "لا توجد عمليات اجتياح بل انتشار للقوات الاتحادية وفقا للدستور وقواتنا كانت حذرة للغاية بمنع التصادم ولكن الجانب الآخر قام بعمليات قصف للدفع الى صراع عسكري".
وأكد العبادي "حققنا أغلب مطالبنا وانجزنا اضعاف ما كان هو الطموح في فرض السلطة الاتحادية وهو ليس انتصار طرف على طرف بل نجاح لكل العراقيين ونبقى حريصين على الوحدة الوطنية ولن نسمح لأي تجاوزات قومية او طائفية وسنحاسب المخالفين ويجب ان يحكم البلد بشكل عادل".
وقال "لا نلجأ للعنتريات والشعارات بل نحن في مرحلة العمل ونريد من الاخرين السكوت فقط وان لا ينزلوا لمستوى اخلاقي متدني وشخصنة الامور وهم المتضررون".
وأضاف "نعمل لإعادة السيطرة الاتحادية على جميع الحدود ونستطيع ارسال جيش ويقاتل للسيطرة عليها ولكن هذه ليست شجاعة في قتل مواطن عراقي ونريد تحقيق ذلك بسلاسة وسلام".
العبادي شدد في المؤتمر الصحفي على "الفرز بين الحوار السياسي الذي تطالب به اربيل وهو لا يأتي الا بعد شروط "، في اشارة الى الغاء الاستفتاء والتخلي عن الانفصال ، وبين "المفاوضات الفنية بين الوزارات بشان قضايا تخص صرف الرواتب او تقييم اضرار الهزات التي حدثت مؤخرا".
وأكد العبادي "على الموقف الدستوري في حفظ وحدة العراق وبسط السلطة الاتحادية وهو امر يصب في مصالح المواطنين الكرد والسيطرة على الحدود والمنافذ الحدودية امر دستوري وخاضع للسلطات الاتحادية فقط، ووجهنا بمنع اي مواجهة مع البشمركة".
وأشار الى ان "تقليص رواتب الموظفين
20 % هي كذبة صريحة ومحاولة للفساد انطلقت من الجانب الكردي ولكن هذه لا تنفعهم"، مؤكداً "نحن ملتزمون بدفع رواتب الموظفين ولكن سندفعها بشكل دقيق لموظفي الاقليم ومنع وصولها للأحزاب".
وتدارس العبادي امس مع رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش الإجراءات الأمنية لبسط السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها مع إقليم كردستان.
وذكر بيان للدائرة الإعلامية في الحكومة العراقية أن "العبادي اجتمع مع رئيس بعثة الامم المتحدة في العراق يان كوبيتش وجرى بحث الإجراءات الحكومية لبسط السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها ، والمطارات والمنافذ الحدودية ، وثوابت الحكومة الاتحادية في هذا المجال التي هي في صالح مواطنينا الكرد".
وقال البيان "تمت مناقشة عودة النازحين وما تقدمه الأمم المتحدة من مساعدة لإعادة الاستقرار للمناطق المحررة". - (وكالات)