المزيد
من هو أسوأ رئيس أمريكي في التاريخ الولايات المتحدة؟

التاريخ : 21-01-2017 |  الوقت : 02:38:03

روبرت ميري- واشنطن- إذا كنت تريد تحديد أسوأ رئيس في التاريخ الأميركي بثقة، فما هي  طريقة اختيارك له؟ معظم الإحصائيات التي تتم وفقًا لأسلوب هارفرد آرثر، رائد هذه الإحصائيات بعينها في العام 1948، تشير إلى وارين هاردينج، كأسوء رئيس في التاريخ الأميركي، ولكنني أرى أن هذا الاختيار ما هو إلا إجابة سخيفة للسؤال المطروح؛ حيث أن هاردينج تولى الرئاسة الأميركية في أوقات اقتصادية قوية جدًا، ليس ذلك فقط، إنما تعامل مع آثار الركود الاقتصادي الشنيع عندما تولى منصبه في العام 1920؛ فسرعان ما نجح في تحويل الأوقات الصعبة تلك إلى اقتصاد أفضل بكثير إلى جانب زيادة إجمالي الناتج المحلي بمعدل 14% لعام 1922، هذا وقد انخفضت معدلات التظاهر العمالية والعنصرية بشكل ملحوظ أثناء فترته الرئاسية، فقد قاد أمته دون التسبب في نشوب أي حرب مزعجة.

بالطبع لن ننسى فضيحة “قبة إبريق الشاي” التي شملت العديد من المتورطين في إدارته، ولكن لم يوجد أي دليل يشير إلى مشاركته بنفسه فيها، فكما عبرت عنها ابنة ثيودور روزفيلت، أليس، “هاردينج لم يكن رجلاً سيئًا أبدًا، ولكنه ساذج”.

تشير الإحصائيات الأكاديمية إلى جامس بوكانان أيضًا كأسوأ رئيس مر على الولايات المتحدة، وبالفعل رجل مثل بوكانان، كان شخصًا يفتقد حضور الشخصية وجلس كالمشاهد لما يحدث لبلاده دون مد يد العون لمساعدة شعبه وهو يتجه إلى أسوأ أزماته في التاريخ، فقد وصل إلى البيت الأبيض تحت مسمى أكاذيب صارخة ووعود وعدها للشعب الأميركي، حيث وعد شعبه في خطابه الافتتاحي بأنه سيتقبل ايًا كان الحكم الصادر من المحكمة العليا فيما يخص قضية  درير سكوت، ولكنه فشل في أن يصارح الشعب الأميركي بمعرفته المسبقة للحكم الصادر فيها (وهو ما حدث بعد إتمام العديد من المناقشات غير المناسبة مع العديد من القضاة).

ولكن من الممكن أن نستفيد من الفترة الرئاسية لبوكانان في معرفة الفرق بين تحديد نقاط فشل الرئيس، فقد تم القضاء على بوكانان بسبب العديد من الأحداث ذات الوقع القوي على زعامته الضعيفة، وبذلك اتجهت البلاد بالطبع الى أسوأ الأزمات التي مرت بها في تاريخها، ولكن بوكانان لم يخلق هذه الأزمة وإنما فشل في السيطرة عليها، وبالتالي تسبب في اتجاه الأمة لاتخاذ هذا النوع من القرارات؛ مما أوصل إبراهام لينكون لانتهاج هذا المسار.

وبدوره، أشارت هذه الفترة الرئاسية إلى الفرق ما بين الفشل في الامتناع عن التنفيذ، وبين الفشل في المشاركة؛ ما يفرق بين فشل الرؤساء في تحمل الأزمات وبين من  تسببوا بالفعل في خلق الأزمات.

وفيما يخص الفشل في المشاركة، يستحضر ذهننا، وودرو ويلسون، وريتشارد نيكسون، وجورج بوش، ولابد وأن تعلم أن جميع من فشلوا من الرؤساء لديهم خط من الشعب يدافع عنهم، ويتناقشون في أسباب أفعالهم بالتفصيل، مثل هذه الوقائع نراها متمثلة في المناقشات حول رئاسة بوش الثاني، التي تدور حول اعتبار الغزو الأميركي لبلاد المسلمين ساهم في ظهور داعش.

فيدور الرأي السائد حول غزو بوش للعراق، كأكبر مثال على ما يُعرف في التاريخ الأميركي بالحرب الوقائية، وهو ما أثبت ليكون أحد أكبر الأخطاء السياسية الخارجية الفادحة في التاريخ الأميركي، فبسببها أشعل بوش الشرق الأوسط، وتسبب في ظهور داعش، وتعميق الحروب الطائفية بين مسلمي السنة والشيعة في المنطقة.

ولكن، بالطبع يوجد العديد ممن يؤمنون أن بوش لم يتسبب في خلق كل هذه الفوضى، بل يعتقدون أن بوش كان ناجحًا في فرض سيطرته على العراق وأن أوباما هو من سمح بفشلها بسبب عدم حفاظه على وجود القوات العسكرية الأميركية في العراق، هذا وقد ذكر سين ويلينتز في عام 2006 قائلاً: “يتساءل الكثير من المؤرخين الآن إن كان بوش سيتذكره العالم كأسوأ رئيس شهده التاريخ الأميركي”، ويجب ألا ننسى أن بوش أدار أميركا مع ظهور أحد أسوأ الكوارث المالية التي شهدتها البلاد.

ثم يأتي بعد ذلك نيكسون، والذي أوصل أميركا إلى أحد أسوأ أزماتها الدستورية، ولكن يشير العديد من الناس إلى أن فترة رئاسة نيكسون لم تكن بالبشاعة التي نتخيلها الآن، خاصةً إذا ما نظرت إلى فترة رئاسته بدقة من منظور تلاعبه ومناورته للعديد من أفراد شعبه، فتصرف بعض منهم من وراء ظهره في الظلام دون علمه، ولكن في نهاية الأمر كل ذلك لا يعد أمرًا مهمًا، فقد كان الرئيس المعين والمسئول عن كل ما حدث نتيجة أفعاله؛ من أزمة ثقافية، وخلقه لأجواء غير مريحة في جميع أنحاء الإدارات الأميركية، فلابد وأن يتحمل مسئولية خرق كل هؤلاء الناس للقوانين، مهما تباينت درجة معرفته بها أو تواطؤه معها، فجيمعنا على معرفة جيدة بأسلوبه داخل دائرته الخاصة به، ولا يمكننا أن ننكر تخطيه بنفسه العديد من الحدود المهمة في مناسبات عديدة.

وهو ما يقودنا للتطرق إلى وودرو ويلسون، والذي أُعِدَ فشله في التنفيذ وكان له عواقب وخيمة للغاية عن أي رئيس أميركي آخر؛ فطبيعته المنافقة كانت واضحة وأكثر بروزًا من أي رئيس آخر، حتى أكثر من جون آدمز، كان يعتقد دائمًا أنه يعلم أكثر من أي فرد آخر، وإذا ما مزجنا هذه الصفة مع مشاعره الإنسانية المرهفة، فستنتج بذلك رئيسًا يرغب في تغيير العالم لتحسين أوضاع الجنس البشري، احذروا من هذه النوعية من الزعماء!

وحتى أثناء فترة رئاسته الأولى وأثناء اشتعال أوروبا بالحروب، سعى إلى مشاركة أميركا كوسيط محايد وباحثةً عن إبرام اتفاقيات السلام لوقف الحروب، وعندما تم رفض هذه المجهودات؛ روّج لنفسه بكونه الرجل الذي حمى أميركا من المشاركة في الحرب، ليفوز في الانتخابات الأميركية ويصل بذلك إلى فترته الرئاسية الثانية، وسرعان ما أدخل بلاده في الحرب بعدما بدأ فترته الثانية؛ عن طريق تلاعبه بسياسات المحايدة، حيث انحاز إلى الجانب البريطاني، ومُعاديًا للجانب الألماني على الرغم من تحذيرات الكل له بسياساته تلك التي ستجبر الولايات المتحدة الأميركية بالدخول في الحرب، وهو ما حدث بالفعل.

تسبب كل ذلك في ارتفاع الأسعار، وهو ما أدى إلى الركود الاقتصادي، واستمرت تبعاتها لثلاث سنوات، بالإضافة إلى قبوله لقمع الحريات وتأمين المصانع الخاصة، بما في ذلك التليجراف، والتليفون، والسكك الحديدية، إلى جانب توزيع الفحم، ولم يكتفِ بذلك فقط، بل تسببت مشاركة أميركا في الحرب، في تدمير حلفائها للهدنة المقامة مع ألمانيا، وهو ما نتج عنه إهانة الكيان الألماني لتبدأ حرب عالمية أخرى، وتستمر سياساتها لفترة وصلت مداها إلى جيل كامل.

لا يمكننا أن نتحدث بثقة تامة أن هتلر لم يكن ليظهر للعالم في ألمانيا لولا تسوية مأزق الحرب العالمية الثانية عن طريق المفاوضات عوضًا عن الإملاء بها، ولكن يمكننا أن نتأكد أن العالم انهار بسبب سياسات ويلسن الحربية الساذجة، وهو ما خلق جو سياسي في ألمانيا مهّد لظهور هتلر.

حمل ثقيل على ويلسن يتحمله على مر التاريخ؛ فعلى الرغم من نظرة الإحصائيات الجيدة المنحازة له، وهو ما قد يرجع إلى ميول الأكاديميين للتقدمية، ولكن كلا الرئيسين الروسفلتيين كانا يدعمان الاتجاه التقدمي أيضًا، إلا أنهما اختلفا عن غيرهم  بتركهما لأميركا مكانًا أفضل، وهو ما لا يمكننا أن نقارن به ويلسون، الذي تسبب في خراب البلاد، ولذلك لابد وأن يكون ويلسون هو أسوأ رئيس أميركي في تاريخ الولايات المتحدة.-(التقرير)



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك