المزيد
لماذا غضب وزير الداخلية؟

التاريخ : 08-01-2017 |  الوقت : 12:14:23

من الطبيعي أن يغضب وزير الداخلية سلامة حماد على طلب الحكومة تأجيل التصويت على طرح الثقة به، ومن المؤكد أنه سيغضب لهذا التأجيل وهو يعلم علم اليقين أن جبهة النواب المطالبين برحيله قد تصدعت، وبأنه لو صوت في جلسة مجلس النواب فإنه سيحوز على ثقة كبيرة جداً، وسيخرج من المعركة منتصراً ومزهواً.
باعتقادي أن تأجيل التصويت على طرح الثقة بالوزير حماد له أكثر من سبب، ربما يتقدمها الحفاظ على صورة وهيبة مجلس النواب، فالعدد الكبير من المطالبين بإسقاط الوزير بعد عملية الكرك الإرهابية تراجع بصورة واضحة، ولو صوتوا فإن حصولهم على 66 صوتاً لحجب الثقة يكاد يكون مستحيلاً، ولذلك فإن التأجيل يحفظ قليلاً من ماء الوجه لمجلس النواب في بداية عمره، فالتراجع عن البطولات "الدنكشوتية" عند بعض النواب والخطب الرنانة يبدو مخجلاً ومحرجاً.
الأمر الثاني المرجح أن الحكومة لم تتشاور مع الوزير حماد في طلب التأجيل وهو ما يعكس "خلافاً" داخل الفريق الوزاري في التعامل مع الأزمات بدأ يظهر للعيان، فالحكومة لا تريد أن تحرج مجلس النواب أكثر وأن تدخل معه "بمكاسرة"، وتريد مخرجاً يحفظ ماء الوجه للطرفين الحكومة والبرلمان، وبذات الوقت فإن الحكومة وأيضاً البرلمان يدركان بأن فشل طرح الثقة بالوزير حماد سيؤكد قوته ويعزز موقفه ويبرئه من أي مسؤولية عن أي خطأ أو أي تقصير في التعامل مع عملية الكرك الإرهابية، وهذا ما لا يريده كثير من الأطراف النافذة والفاعلة في صناعة القرار.
إذن المخرج الأفضل كان تأجيل التصويت، ولا أعتقد أن هناك مخالفة دستورية، فالمادة "53" من الدستور تنص صراحةً على حق هيئة الوزارة بطلب التأجيل وليس الوزير المختص وحده من يملك هذا الحق، ونائب رئيس الوزراء وزير التربية محمد الذنيبات يمثل الحكومة في غياب رئيس الحكومة هاني الملقي الذي تغيّب عن حضور جلسة النواب بسبب وفاة والدته.
مخرج تأجيل التصويت مرتبط بتشكيل لجنة تقصي حقائق كان مجلس النواب قد وافق عليها، وأعتقد أن لجنة تقصي الحقائق مطلب مهم وربما يكون مطلباً شعبياً لمعرفة من قصّر ومن يتحمل المسؤولية، ولو كان هناك في مجلس النواب لجنة متخصصة بشؤون الأمن والدفاع لتولت هذا الملف وحققت وتابعت للتوصل الى حقائق دون رمي الاتهامات بشكل جزافي، ولكن هذه اللجنة غائبة رغم أهميتها والأحداث كشفت عن ضرورة وجودها، ولهذا فلو كنت مستشاراً لمجلس النواب لفضلت أن تُشكّل لجنة مستقلة من أصحاب الاختصاص المشهود بمعرفتهم ونزاهتهم.
مشكلة مجلس النواب أنه لا يحظى بثقة كبيرة في الشارع، وإذا قيّض للجنة تقصي الحقائق أن تنجز عملها وتصدر تقريرها، فإنها منذ الآن ومهما كانت التوصيات ستتعرض لاتهامها بالتسويف والتواطؤ والتغطية على المسؤولين في مواقع مختلفة.
أغلب الظن أن الحكومة ورئيسها يريدون "لملمة الطابق" الآن، وعدم الدخول في معركة مفتوحة مبكرة مع مجلس النواب، وكلما تم تأجيل طرح الثقة تم احتواء الأزمة بسلاسة خاصة أن الحديث عن تعديل وزاري يتزايد، وفي أكثر التقديرات لن يتأخر أكثر من أيام بعد انعقاد القمة العربية في شهر آذار القادم، وربما يكون وزير الداخلية "الضحية وكبش الفداء"، وبذلك يسهل إغلاق الملف دون خسائر كبرى، لا للحكومة أولاً ولا لمجلس النواب.
وبمعنى آخر يجري تطويق الأزمة وتظل محصورة بدل أن تمتد وتتوسع المطالبات واتهامات التقصير والمساءلة لدائرة أوسع يكون لملمتها واحتواؤها أصعب وكلفها أكبر على الدولة.

نضال منصور

 

الغد



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك