المزيد
حسناً.. ما العمل؟!

التاريخ : 24-10-2016 |  الوقت : 10:01:17

صحيح أن وضع المملكة المالي وصل حدوداً مقلقة؛ كما صحيح أن النمو الاقتصادي المتحقق غير كاف. وصحيح بداهة، أيضاً، أن أحوال الإقليم تزيد من اختناق الاقتصاد الأردني. لكن يظل صحيحاً بدوره، رغم كل ذلك، أن حجم العجز والمديونية مؤشران لا بد من السيطرة عليهما حتى نجتاز السنوات الصعبة المتوقعة خلال الفترة المقبلة، استناداً للوقائع القائمة حالياً.
إذ إن المؤشرات لا تتحدث عن تغيير جوهري يدفع إلى التفاؤل بشأن المعطيات التي تحكم المشهد الاقتصادي، لاسيما فيما يتعلق بحجم المنح المتوقعة للعام المقبل أو حتى الذي يليه. فالأغلب أن المنح القادمة من دول مجلس التعاون الخليجي لن يتم تجديدها، لأن لكل دولة منها مشهدها المحلي الذي يعاني تغيرات وصعوبات تسعى إلى التعامل معها.
السعودية، كما هو معروف، مثّلت أهم الدول المانحة للأردن خلال السنوات الماضية. وبحسب ما يرشح من معلومات من مسؤولين، فإن الرياض ستعمد إلى تغيير طريقة عونها للمملكة؛ فلا منح مالية مباشرة، بل استثمارات يتم تأسيسها من خلال صندوق الاستثمار الأردني السعودي، وهذه تحتاج سنوات لظهور نتائجها. كما أن السعودية اليوم تبحث عن مصادر للاقتراض، كما هي حال الأردن، وإن اختلفت أسباب الحاجة لاقتراض كل من البلدين.
الدول الخليجية الأخرى أيضا لن تجدد منحة السنوات الخمس، والتي تم بموجبها تقديم مليار دولار سنويا من الدول الأربع مجتمعة؛ السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر، وتخلفت الاخيرة عن تسديد حصتها، كانت تخصص للإنفاق الرأسمالي. وطبعاً، فإن عدم التجديد يخلق أزمة كبيرة لدى مخطط السياسة المالية ما بعد المنحة الخليجية، في محاولة البحث عن مخصصات مالية أو بدائل لمصادر الإنفاق الرأسمالي.
طبعاً، فإن الأزمة المالية للخزينة؛ في ظل تراجع الإيرادات المحلية والمنح، لا تعفي الحكومة بالتأكيد من مسؤوليتها تقديم الخدمات للمواطنين، من مياه وصحة وتعليم وبنية تحتية وسواها، وبما يفضي –كما بات يدرك كثيرون- إلى مزيد من تعقد الموقف، لاسيما مع تعقد المأزق الحكومي في البحث عن بدائل لتلك الموارد. إذ لم تعد هذه الأخيرة مسألة سهلة في متناول اليد، وفق كل المعطيات السابقة، المحلية والإقليمية وحتى الدولية.
وبما أن الحلول السريعة صارت صعبة، بل ولربما مستعصية، فربما يذهب العقل الرسمي نحو البحث عن حلول "جديدة" عبر جيب المواطن، قد تبدو من وجهة نظر رسمية أسهل الطرق وأقصرها، لاسيما بإغفال عامل مهم يتمثل في مزاج الناس السيئ، نتيجة صعوبة أحوالهم المعيشية، مع ما لذلك من تأثير سلبي أو حتى خطير على حالة الاستقرار الاجتماعي.
ونعيد التأكيد مرة أخرى أنه عند التفكير بهكذا حلول "تبدو سهلة"، يلزم التوقف كثيرا ومراجعة ما حصل فقط في السنوات الأربع الماضية. فقد تحمّل خلالها الأردني كثيراً من القرارات الصعبة، من دون أن يلمس نتائج إيجابية لكل تلك "الإصلاحات" في أرقام المالية العامة؛ وهو ما أضعف ويضعف الثقة بأن مزيدا من الضغوط التي يتحملها المواطن ستجلب الفرج في نهاية المطاف.
والأمثلة على ذلك كثيرة. فمنذ العام 2012، اتخذ رئيس الوزراء آنذاك، د. عبدالله النسور، القرار بتحرير أسعار المحروقات، وأتبعه لاحقاً بكثير من القرارات الأخرى غير الشعبية. لكن بعد سنوات، اكتشفنا أن حجم المشاكل اتسع! إذ زاد عجز الموازنة العامة، وتفاقمت المديونية إلى مستويات خطيرة، فيما بقي السؤال القائم: أين هي نتائج كل تلك القرارات القاسية شعبياً؟
هكذا، يكون السؤال المنطقي والأهم الآن: كيف للمواطن أن يثق مجددا بالحكومة، ويقبل بقرارات جبائية، وهو لم يلمس نتائج الثمن الكبير الذي دفعه خلال السنوات الماضية؟!
وانعكاس نتائج الإصلاح من عدمه، أمر سيظهره مشروع قانون موازنة العام المقبل، لننتظر ونرَ.

الغد



تعليقات القراء
لايوجد تعليقات على هذا الخبر
أضف تعليق
اضافة تعليق جديد

الحقول التي أمامها علامة * هي حقول لابد من ملأها بالبيانات المطلوبة.

:
:
:
 
أخر الأخبار
اقرأ أيضا
استفتاءات
كيف تتوقع نهاية الاحداث الجارية في قطاع غزة؟



تابعونا على الفيس بوك